هل تأخذ دول الخليج بالأسباب قبل أن تذوق مرارة التجربة العراقية؟.. يتسائل عبد العزيز الفضلي
زاوية الكتابكتب أكتوبر 28, 2016, 12:35 ص 523 مشاهدات 0
الراي
رسالتي- هل جرّبتم العراقية؟
عبد العزيز الفضلي
من أكثر مقاطع الفيديو إيلاماً للنفس وتكديراً للخاطر، وتحزيناً للقلب، هو ذلك المقطع المصور لأحد الجنود الأميركيين - ممن عملوا في العراق خلال فترة إسقاط صدام واحتلال العراق وما بعدها - وهو يتحدث بكل فخر وعنجهية عن قيامهم بإذلال الفتيات العراقيات، وإخضاعهن للاعتداءات الجنسية بالترهيب أو تحت ضغط الحاجة، وكيف أن إحدى الفتيات قامت بالانتحار بعد انتهاء الجنود من الاعتداء عليها.
ما آلت إليه بغداد - عاصمة الخلافة - وبقية المدن العراقية من دمار وتخريب وسفك للدماء وانتهاك للأعراض وسلب للثروات، على أيدي القوات الأميركية، والميليشيات الإيرانية، وبعض الفئات الطائفية، والجماعات المتطرفة، يتحمل وزره كل من سمح وأيد الاحتلال الأميركي للعراق، وكل من تخلى عن نصرة المستضعفين هناك، وكل من رأى التدخل الإيراني المعلن سياسيا وعسكريا، وما يحمله من نفس طائفي إقصائي ضد المذاهب المتعددة في العراق، ولم يتدخل لتحقيق الموازنة في القوى بين الكتل والفئات في المجتمع العراقي، وكان لذلك الإهمال أو قل عدم أخذ الخطر الإيراني بالحسبان، أثره في بسط إيران نفوذها في العراق، والتحكم في الحياة السياسية والاجتماعية والعسكرية.
كما يتحمل وزر ما يجري في العراق، بعض المتعصبين والمتطرفين من كلا الاتجاهين السني والشيعي، والذي يحاول كل منهما إقصاء الآخر بشتى الطرق سياسياً أو عسكرياً، حتى سمحوا للتدخلات الخارجية لتسهم في تدمير بلادهم.
دول الخليج العربي على خطر من انتقال التجربة العراقية لها، خصوصاً مع وجود أطماع إقليمية ودولية.
وفي اعتقادي أن من أهم العوامل والأسباب التي تمنع - بإذن الله - انتقال الحالة العراقية إلى دول الخليج، هي: أن تقوّي الحكومات الخليجية العلاقة بينها وبين شعوبها، وأن تسعى لسد احتياجاتهم الضرورية والأساسية، وأن تسمح بمزيد من المشاركة الشعبية الحقيقية في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأن تعامل جميع المواطنين بمسطرة واحدة وفق القانون، فلا يعاقب الضعيف، ويُغض الطرف عن الشريف.
وأن تفتح مجالات أوسع لحرية التعبير عن الرأي بعيدا عن تكميم الأفواه، فهذا أفضل من الحديث في الغرف السرية المغلقة.
وأن تفسح المجال لأصحاب التوجه الإسلامي المعتدل - وأقصد بهم أصحاب الفكر الوسطي بين مرجئة العصر وأصحاب التكفير - ليقوم هؤلاء بدورهم في توعية الناس وإرشادهم للطريق الذي خطه الرسول صلى الله عليه وسلم وسار عليه أصحابه، والذي يوفّق بين الصبر وتحمل الأذى والحرص على اجتماع كلمة المسلمين، وبين عدم الرضا بامتهان كرامة الإنسان أو التعدي على دمه أو ماله أو عرضه.
ومن أهم العوامل كذلك، الانتباه للخطر الإيراني وأطماعه، ورصد أي مؤشر يدل على وجود نفوذ أو تغلغل في القطاع الاقتصادي أو تأثير في الحياة السياسية أو الاجتماعية، وأخذ الحذر من أي محاولات لزعزعة الأمن، كالشبكات التجسسية، أو الخلايا الإرهابية.
ولو حققت دول الخليج آمال مواطنيها بإنشاء اتحاد كونفيديرالي، يقوّي من موقفها في مواجهة التحديات الخطيرة، لكان هذا من أفضل المعروف الذي تقدمه هذه الدول لمواطنيها.
فهل تأخذ دول الخليج بالأسباب قبل أن تذوق مرارة التجربة العراقية؟
تعليقات