مفارقة: أغانى ثورة يوليو فى الإذاعة رغم سياسة الحكومة المصرية بيع القطاع العام

عربي و دولي

276 مشاهدات 0


مازالت الإذاعة المصرية تبث علي مدار الساعة أغنيات عن ثورة يوليو لأم كلثوم وموسيقار الأجيال عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ، وسائر نجوم الأغنية في ذلك العصر، في المقابل تستمر الحكومة فى بيع ما تبقى من مؤسسات تابعة للقطاع العام.. وتبدو الصورة في قمة الكوميديا حينما يغني عبدالحليم «بالأحضان يامزارع يامصانع بالأحضان»، بينما أحمد نظيف ومعه محمود محيي الدين وزير الاستثمار وباقي وزراء المجموعة الاقتصادية علي قدم وساق يعقدون الصفقات لبيع المصانع التي غني لها حليم والست. تناقض يحمل علي البكاء بين أغنيات الثورة التي أذاعتها أجهزة الإعلام عبر يومين متتالين، وبين إنجازات الثورة التي راحت أدراج الرياح، أو علي الأقل ما تحقق منها، فها هو القطاع العام الذى كان ذخيرة مصر فى كل حروبها إذا بالسماسرة يجمعون بين تخريبه وبيعه، ولا يملك أي مصري يحمل جينات هذه الأرض إلا أن يستمطر اللعنات علي النظام حين يسمع اليوم ليلي مراد تغني قبل نصف قرن «دور يا مكن دور يا موتور»، أو لا يزداد ضغط دمه حين يسمع عبدالوهاب يغنى «دقت ساعة العمل الثوري في طريق الأحرار»، بينما البطالة تضرب جنبات الوطن، حتي خلفت ملايين العاطلين والعوانس وملايين البيوت الخربة. ولا تملك إلا أن تضحك ضحك البكاء حين تسمع عبدالوهاب أيضاً يغنى «يا نسمة الحرية يا للى مليتي حياتنا.. يا فرحة رايحة وجاية»، بينما عشرات الآلاف من معتقلي الرأي خلف السجون. ويتملكك إحساس كئيب شبيه حين تسمع أم كلثوم تغنى «طوف وشوف» وتقول «شوف هنا جنب المصانع والمداخن والزحام»، أو عبدالحليم يغني صورة فيقول «خضرة وميه.. وشمس عفية.. وقبة سما زرقا مصفية» حتى تقول «الصورة مفهاش الهامل والخامل وجه نعسان»، بينما توقفت آلاف المصانع عن العمل ولم يبق أمام الملايين إلا خمول اضطرارى، وبينما الخضرة مسقاة بمياه الصرف الصحى، والمياه حلم ملايين العطشى علي ضفاف النيل الملوث الحزين. أو تسمع - وليتك لا تسمع إلا داعياً الله أن يعيد أوطان العروبة المغتصبة - المجموعة تغني «وطنى حبيبي الوطن الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكبر وانتصاراته مالية حياته.. وطني بيكبر ويبتحرر»، بينما هو ينقص من أعماقه وأطرافه في العراق وأفغانستان والسودان ولبنان وفلسطين والبقية التي ترسف في أغلال قيود أنظمتها. اسمع لمقطع «هنكملك حرياتك» بينما النظام يوقع بين فتح وحماس، وبينما أكد السفير المصري بأمريكا أنه لولا مصر ما استطاعت أمريكا أن تبقي في العراق ليلة واحدة. استمع إلي الجيل الصاعد لتشاهد في الواقع أسوأ نظام تعليمي في العالم إذا كان تعليماً، استمع لمحمد قنديل يغني «ع الدوار.. راديو بلادنا فيه أخبار.. الأخبار بترد الروح.. وتداوى القلب المجروح»، وكانت من أوائل أغنيات الثورة، لتبحث أين تلك الأخبار التي ترد الروح، فلا تجدها إلا كذباً لنظام يحل المشكلات باعتقال وسحل المتضررين الذين تصدعهم أجهزة الإعلام كل عام بأغانى الثورة التي تختلط بأخبار خصخصة البنوك والتأمين الصحي وأخبار حوادث الطرق التي تخلف في العام آلاف القتلي وحوادث متنوعة عن الاغتصاب أو حديث عن مكتبة الأسرة وحلها لمشكلات البطالة.
القاهرة: الآن

تعليقات

اكتب تعليقك