راية الحسين بين حلب والفلوجة!..يكتب محمد السداني مستحضرا ثورته الحقيقية

زاوية الكتاب

كتب 911 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- ويبقى الحسين...!

محمد السداني

 

من الجميل في كل عام، أن نستذكر استشهاد الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في كربلاء، ونستلهم العبر العظيمة التي خرج من أجلها دفاعاً عن المظلومين وصوناً للحق وإرساء لدولة الإسلام والعدالة. وبعد كل هذه السنوات التي مرت ما زال الحسين يمثل نموذجاً من نماذج الثورة على الاستبداد والتفرد بالسلطة وإقصاء الشعب. وها نحن بعد 1438 سنة، نجد من يرفع راية للحسين استلهاماً للمبادئ التي خرج من أجلها واستحضارا لروحه الثورية في الدفاع عن الحق والوقوف في وجه الظلم.

ولكنْ يبدو أن الراية انحرفت بعض الشيء في أيدٍ ليس لها علاقة بالحسين، من قريب أو بعيد. ففي الساحة السياسية الآن، نجد أنَّ ثورة الحسين تحولت إلى ثأر بين فئة وفئة نازعين منها محتواها النبيل والثوري وملطخين بها دماء الحقد والطائفية والإقصاء، فتجد ثائراً يرفع راية الحسين ويبحث عن ثأره في حلب، وآخر يرددها في الفلوجة - يا لثارات الحسين - وكأن سائق التاكسي الذي يسكن الفلوجة شارك في قتل الحسين بن علي - رضي الله عنهما - أو تجد آخر يرفعها في حلب وفي حماة، ظناً منه أنها ما زالت تحت حكم الأمويين!

إن الإيمان بالثورة الحسينية، لا يتجسد في بواعث الفرقة والتشرذم والحقد وطلب الثأر ممن رحلوا ولن يعودوا، وإن المتاجرة بدم الشهداء طلبا للنفوذ السياسي، هي تقليل لقيمة الدماء الطاهرة التي سفكت من أجل مطالب العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة التي خرج من أجلها الملايين في كل دول العالم.

ألا يشترك الثائر على النظام المستبد في دولة ما مع ما قام به الحسين في ثورته على نظام الحكم آنذاك؟! أم أنَّ الشخص يحتاج أن يكون من بني هاشم لتصبح كلُّ أفعاله محل تقديس وتبجيل؟ إن الازدواجية الفكرية التي أصابت البعض جعلتهم في موقف لا يحسدون عليه، فتارة قتلهم دفاعاً عن المقدسات الدينية... فهل في حلب مقدسات لهم؟ وتارة دفاعاً عن أبناء الطائفة، وهل خرج الحسين من أجل طائفته وأهله، أم أنه خرج طالبا عدالةً تشمل الجميع، عدالةً تحقق الأمن والاستقرار، عدالةً سال من أجلها دم شخص قال عنه الرسول (ص): «أحبَّ الله من أحبَّ حسينا»...

فليت من يتشدق حباً وهياماً بمبادئ الثورة التي قام بها الحسين - رضي الله عنه - أن يعيَ أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الحسين استشهد من 1400 سنة، وأنَّ من قتله مات أيضاً، فاستذكار الحسين ومقتله، لا بد أن يكون استذكاراً لمبادئ الثورة على الظلم والانتصار للحق، وليس الاستذكار من أجل تأجيج طائفي يُقتل باسمه الآن آلاف الأشخاص في سورية والعراق واليمن، لا ذنب لهم إلا أنهم فعلوا ما فعله الحسين، فثاروا على الظلم ونصروا الحق.

فهل من يبكي على الحسين في كل عام، يقتل روح ثورته في دول لا تعرف من الحسين إلا شعاره ولا تؤمن بالثورة إلا من أجل نفوذ سياسي واقتصادي والتي لو شهدها الحسين ورأى ما بها من ظلم، لثار عليها وعلى من تاجر باسم ثورته.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك