الغشاشون عندما يكبرون.. بقلم عدنان فرزات

زاوية الكتاب

كتب 391 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

الغشاشون عندما يكبرون

عدنان فرزات

 

مع بداية كل عام دراسي، تنطلق حملة عشوائية على مواقع التواصل الاجتماعي والقروبات، تبث الهلع في نفوس الطلبة، ترهبهم من الدوام المدرسي، وتأتي هذه الحملة بإطار ساخر على أساس أنها مجرد مزحات تستهزئ من الدوام، وتكون مرفقة أحياناً برسومات مثلاً لأطفال وهم يوقَظون عنوة من النوم للتوجه إلى المدرسة بعد إجازة مريحة.

وبالمقابل هناك حملة مضادة، ولكنها ضعيفة قياساً إلى الأولى، أي مثل وضع الزوج في مواجهة أربع حموات دفعة واحدة. هذه الحملة تنشر مساوئ الإهمال في التدريس، ومنها ما يترتب على الغش في الامتحانات، فتقول انك إذا أردت تدمير بلد فإنك لا تحتاج إلى صواريخ بل إلى نشر الغش بين الطلبة، وتلقائياً سوف يكون لديك طبيب مستقبليً يقتل الناس بجهله، ومحاسب يخسرك الأموال، وأبنية تقع فوق ساكنيها بسبب مهندس نجح بالغش.. وهكذا حتى يكون لديك مسؤول يمتلك محلاً لبيع العسل المغشوش.

هؤلاء الطلاب الغشاشون يتحولون إلى مصيبة أكبر في ما لو أصبحوا في موقع مسؤولية مهمة، ويدلون بتصريحات عجيبة غريبة، مثل تصريح وزير النقل العراقي، الذي قال ان «أقدم مطار على وجه الأرض هو مطار ذي قار وقد بني قبل خمسة آلاف سنة»، واستخدمه السومريون، ولكن رغم عدم واقعية هذا التصريح، فإن الحضارة السومرية فعلاً هي من أهم حضارات العالم، وإن كان كلام الوزير خيالياً، لكن الذي يقرأ عن تطور الحضارة السومرية، ويشاهد المنحوتات المجنحة، لا بد أن يراوده هذا الخيال، ولكن ليس إلى درجة التصريح به.

نعود إلى فكرة الحملات «التثبيطية»، التي تبث ساخرة من الدوام المدرسي، لنجد أنها تؤثر فعلاً في الطلبة، حتى وإن كانت على سبيل الضحك والسخرية، ولذلك تجد الكثير منهم يصابون باكتئاب وامتعاض أثناء توجههم صباحاً الى المدرسة، وتكتشف، وأنت توصل أبناءك إلى المدرسة، أن ثلاثة أنواع من الناس هم الأكثر ابتهاجاً بالعام الدراسي، النوع الأول هم المدرسون أصحاب الدروس الخصوصية، فهؤلاء تراهم مبتسمين فرحين كفرحة صياد اقتربت سمكة من صنارته، وقد ارتدى قميصاً جديداً أحضره معه من بلده خلال الإجازة الصيفية واشتراه بفلوس الدروس الخصوصية، كما تلحظ أن وزنه زاد بعض الشيء، وانتفخت خدوده بعد أن تنعّم بحصيلة هذه الدروس في مطاعم بلده، واستبدل حقيبته بأخرى جديدة تلمع. أما النوع الثالث فهم أصحاب البقالات الذين تقع بقالاتهم مقابل المدارس، بينما النوع الثالث هم الطلبة أنفسهم حين ينصرفون من المدرسة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك