المعاق لدينا يفقد الكثير من الحقوق التي يحتاجها .. بوجهة نظر فيحان العازمي

زاوية الكتاب

كتب 505 مشاهدات 0

فيحان العازمي

النهار

إضاءات- ذوو الاحتياجات بين الواقع والرجاء

فيحان العازمي

 

اهتم الاسلام بالضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما عظيماً يرقى الى أعظم درجات الاهتمام واسماها، حيث ان النصوص الشرعية تحث أبناء المجتمع الاسلامي على وجوب رعايتهم والوقوف بجانبهم ليحيوا حياة كريمة، فقد طالب القرآن الكريم المسلمين بكف الأذى المعنوي عن المعاق، كما ورد في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ» (سورة الحجرات، الاية 11)، كما بين عليه الصلاة والسلام فضل هذه الشريحة الضعيفة فقال:(هل تنصرون وترزقون الا بضعفائكم)، يعني ان النصر والرزق يأتيان من الله ببركة هؤلاء، كما وضع الاسلام قاعدة تدفع عنهم المشقة والحرج فقال تعالى: «لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا الاَّ وُسْعَهَا (سورة البقرة، الاية 286).

فديننا الاسلامي الحنيف لا ينظر الى هؤلاء على أنهم عبء على المجتمع، فكل واحد من هؤلاء هو مواطن صالح يستطيع ان يخدم دينه ووطنه كباقي أبناء المجتمع، فبعد مخاض عسير تم اقرار القانون الخاص بالمعاقين بعد ان اخذ حيزا كبيرا من النقاش والتعديل والاجتماع تلو الاجتماع .

اقرار القانون بحد ذاته اعتبره البعض نصرا تاريخيا مؤزرا وعملا بطوليا لامعا يضع الكويت في مصاف الدول المتقدمة هكذا زعموا مع انهم لم يسمعوا اذاعة البي بي سي في ذات اليوم الذي اقر فيه القانون والتي اذاعت خبرا مفاده ان هناك اكثر من 13 الف طالب معاق في بريطانيا هم على شفير الرسوب والفصل من المدرسة بسبب تأخر الدعم الحكومي لهم..

الملاحظ لردات الفعل التي صاحبت اقرار القانون يستغرب حقيقة هذا الفرح العارم الذي عم البلاد والعباد مما دفعني وقد دفع معي غيري الى التساؤل ما الجديد في هذا القانون؟ ولماذا هو مهم الى هذه الدرجة؟ وما هو وضع المعاقين قبل اقرار القانون وبعده؟ وكيف كانت معيشتهم وكيف أصبحت ؟ هل كانوا يعانون بالفعل ثم اتى هذا القانون وغير الواقع الى الافضل ؟

قرأت مواد القانون ووجدت فيه مواد جدا راقية وقمة في الانسانية وتراعي بلاشك مشاعر هذا المبتلى في جسده، عافاه الله وشافاه، ولكن لا اظن ان هذا هو فقط الدافع الذي دفع الناس الى الابتهاج والفرح والسرور لان القانون في مواده الاخرى مليء بالامتيازات المالية التي يسيل لها لعاب كل افاق منافق ومرتزق من ادعياء الاعاقة الذين اعمى بصائرهم بريق المادة وهم بلاشك لا يملأ عينهم الا التراب.

هذه الفئة من المواطنين ابتلي بهم هذا الوطن اشد البلاء اناس لا تحلل ولا تحرم المهم لديها المادة ولا شيء سوى المادة ولو كانت عن طريق التكسب باعاقاتهم المكذوبة بشهادات مزورة الله اعلم كيف يحصلون عليها وما هي الالية التي تمنح بها تلك الشهادات .

حيث تم التنبيه من قبل الى حقيقة الوضع الراهن وهو ان هناك الكثير من المزورين الذين يدعون الاعاقة وما ستؤول اليه الامور بعد اقرار القانون ذي الامتيازات المالية والله اعلم كم ستبلغ كلفته بسبب هؤلاء الادعياء ولكن بعد اقرار هذا القانون جاء من يشاركهم فيه وهو لا يستحق ان يتمتع بمزاياه فقد انضم لهم بحكم التزوير في الاوراق الرسمية اشخاص اصحاء بمساعدة بعض من الاطباء والاداريين الذين تلاعبوا بالتقارير واصدروا بطاقات اعاقة لاشخاص لا يستحقونها فقد انتشر الاصحاء المعاقون كما يطلق عليهم بشكل كبير، حيث يجب سحب ما لا يقل عن 10 آلاف شهادة اعاقة، حتى ان وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الاسبق د. محمد العفاسي قد احال موظفتين تعملان في وزارة الشؤون في تجاوزات خطيرة فيما يتعلق بقضية المعاقين الاصحاء بالمجلس الاعلى للمعاقين وتتمثل في اصدار شهادات اعاقة لاصحاء من المعارف والاقارب، فكل يوم يتضح لنا ان هذا البلد المعطاء مصيبته في شعبه، نعم مصيبة الكويت في الكويتيين انفسهم .

ولكي لا نظهر بصورة من يحسد الاعمى على وسع الطريق نقول هناك اناس معاقون بالفعل وهؤلاء يجب توفير كل سبل الراحة لهم سواء ماديا او معنويا ولكن ماذا عن الادعياء من سيراقب ومن سيحاسب عند تطبيق القانون.

أيضا يجب أن نتساءل كيف يحرم المعاق اقل من 18 سنة والذي يتلقى المساعدة الاجتماعية من الزيادة الاخيرة وكيف يعطى المعاق من ذوي الاعاقات الشديدة 275 دينارا والاعاقة المتوسطة 175 ديناراً، والاعاقة البسيطة 135 ديناراً، واذا تعددت الاعاقات يعطى 325 ديناراً، لأربعة أو ثلاثة معاقين، وهل الحكومة لا تدرك معنى التكاليف التي يتكبدها ولي امر المعاق في هذا الاتجاه؟

ان الكويت ورغم انها تنفق الكثير من المال على ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن تبدو المشكلة في ضياع جزء من هذه الموارد على تفاصيل ناتجة عن عدم قدرة المجلس الأعلى للمعاقين خاصة لجنته التنفيذية في رسم سياسة واستراتيجية ترعى المعاق وأسرته في حال فقد من يرعاه ويهتم به في الكويت.

كما ان هناك نقاطاً عديدة تضمنها القانون لكنها غير مطبقة على أرض الواقع، ومنها قضايا التوظيف وتأهيل المنشآت العامة لحركة المعاق، وفوق ذلك كله لم تنجح الكويت على الرغم من ريادتها في المنطقة تجاه المعاقين في وضع خطط تأهيلية تراعي المراحل السنية للمعاق وتطور ظروفه وتزخر الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بالعديد من نقاط الضوء التي يفتقدها قانون 1996/49، فالاتفاقية تفتح آفاقاً عديدة ترعى المعاق طوال حياته عبر منظومة متكاملة من الاهتمام بهذه الشريحة والاجواء المحيطة بهم، كما تتضمن أقساما خاصة بالنساء والأطفال المعاقين نظرا لخصوصية هاتين الفئتين واحتياجاتهما الخاصة ضمن الشريحة الكلية، وتعالج في بنود أخرى أمن المعاق الشخصي، وعدم تعرضه للتعذيب أو المعاملة القاسية، وحرية التنقل والادماج في المجتمع.

ان المعاق لدينا يفقد الكثير من الحقوق التي يحتاجها كما هو في أمس الحاجة الى الرعاية والاهتمام لكي يصبح عضوا فاعلا مفيدا في المجتمع، حفظ الله الكويت وأميرها وأهلها من كل مكروه.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك