حديث كيري لم يقدم جديداً على طريق حل الأزمة اليمنية..بوجهة نظر أحمد عبد الملك
زاوية الكتابكتب سبتمبر 2, 2016, 12:02 ص 479 مشاهدات 0
الإتحاد
وجهات نظر- «كيري» ومستقبل الحوثيين
د. أحمد عبد الملك
اتفقت صحف عربية عدة على وجود «تفاهمات» في اجتماع وزير الخارجية الأميركي (جون كيري) مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في جدة مؤخراً، لاستئناف محادثات السلام اليمنية وفقاً «لآليات جديدة تُراعي المخاوف والتحفظات التي أدت إلى فشل محادثات السلام اليمنية» التي جرت في الكويت لحوالي ثلاثة أشهر. فقد أعلن كيري إطلاق «مبادرة جديدة لحل الأزمة اليمنية»، وقال إنه طرح المبادرة بعد مشاورات مع قادة دول الخليج العربي وممثلين عن الأمم المتحدة، وإن الخطة الجديدة تقضي بسحب الحوثيين لأسلحتهم من صنعاء، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، مستبعداً أي حل عسكري للمشكلة اليمنية.
وحقيقة الأمر أن حديث كيري لم يقدم جديداً على طريق حل الأزمة اليمنية، لكونه استبعد الحل العسكري، فبأي وسيلة سوف تُفرض «الإجراءات الدولية المناسبة»؟، وهل يعني ذلك استصدار قرار دولي بضرورة التدخل العسكري
الحوثيون وأنصار الرئيس المخلوع «صالح» رفضوا كل المبادرات، مثل المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأخيراً أجهضوا محادثات الكويت. فهل يوجد شيء خفي لم يشأ الوزير الأميركي إعلانه أمام الصحفيين في مؤتمره الأخير بجدة؟
معلوم أن الحوثيين فئة صغيرة لا يزيد عددها عن 500 ألف شخص من أصل سكان اليمن البالغ عددهم 19 مليون نسمة، أغلبيتهم الساحقة من السنة. ويتمركز الحوثيون في صعدة وعمران بالأساس، وقد عانت البلاد من حروبهم الست ضد الدولة اليمنية، ثم اعتدائهم على الأراضي السعودية. وللحوثيين تحالفات مع قبائل زيدية وسنية معادية لتشكيل «حاشد» وخصومهم من «آل الأحمر». كما قاموا بتظاهرة شعبية ضد «صالح» عام 2011، بعد أن أعلنوا معارضتهم لسيطرة «حاشد» (قبيلة «صالح») على مرافق الدولة. وهم في توجههم الفكري لا يختلفون عن توجه «حزب الله» اللبناني.
وما يُدلل على سعيهم للانفراد بالسلطة ما ترشَّح عن رغباتهم، خلال جلسات الحوار الوطني، في تحويل البلاد إلى دولة اتحادية، يحصلون بموجبها على إقليم خاص بهم، ومنفذ على البحر الأحمر. وهذا من الناحية الاستراتيجية يُشكل تغييراً في الجغرافيا السياسية لن يتسامح معه جيران اليمن.
والآن، وبعد مرور أكثر من عام وخمسة أشهر على بدء «عاصفة الحزم»، لمنع تقدم الحوثيين إلى جميع أنحاء اليمن، ما زال الانقلابيون يتجاهلون الشرعية، ويحتفظون بصنعاء وما حولها، مُصرين على الاحتفاظ بالسلطة والسيطرة على مؤسسات الدولة!
وهناك من يرى أن حسم المعركة ضد مليشيات الحوثيين والمخلوع لابد أن يتم عبر اكتساح بري مع مساندة جوية، للقضاء على الحوثيين المتمترسين في الجبال، وفي مواقعهم بصنعاء وضواحيها، لكنه خيار يُمكن أن يُعرض الكثيرين من المدنيين للخطر.
الجديد الذي رأت جماعة الحوثي فيه «إيجابيات» هو وجود صيغة توافقية لحلول شاملة -غير مجتزأة- على عكس محادثات الكويت التي انهارت لأن مسودة الاتفاق التي قدمها المبعوث الأممي ركزت على سحب السلاح والانسحاب من المدن، وأجلَّت موضوع الشراكة.
منظمات حقوقية ذكرت أن مليشيات الحوثي تمارس أعمالاً ضد حقوق الإنسان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد أن أقدمت على تصفية 12 مُختطفاً إثر تعذيبهم منذ بداية هذا العام. وطالبت المنظمات الحقوقية بوضع حد للتعذيب المنهجي الذي تمارسه مليشيات الحوثي في السجون ومراكز الاعتقال، ودعت لتحرك سريع لإنقاذ بقية السجناء.
ويرى عقلاء الأمة عدم السماح للحوثيين بترسيخ أرجلهم في اليمن، وإلا أصبحت مرتعاً لتدخلات خارجية، وجبهة معادية فكرياً ومنهجياً لما هو سائد في المنطقة.
كما أن تمركز الحوثيين في اليمن يعني محاصرة شبه الجزيرة العربية العربية شيعياً من ثلاث جهات، العراق شرقاً، و«حزب الله» في لبنان شمالاً، والحوثيون في اليمن جنوباً، ولابد من الانتباه لهذا المخطط الذي لم يعد خفياً على أحد الآن.
لذلك، فعلى الولايات المتحدة ألا تغامر بمستقبل المنطقة من أجل فئة صغيرة عبثت بمقدرات اليمن.
تعليقات