لماذا يتصرف بعض العرب والمسلمين بملكية أكثر من الملك الفلسطيني؟ ..يوسف الزنكوي متحدثا عن التطبيع مع إسرائيل

زاوية الكتاب

كتب 457 مشاهدات 0

يوسف الزنكوي

السياسة

بقايا خيال - إلى من يعشق مبدأ “مشتهي ومستحي” ويلوم “عشقي”

يوسف الزنكوي

 

في التاسع من أبريل الماضي لم أكن أعلم ان من الممكن أن يقوم أي سعودي بزيارة إسرائيل لا أنور عشقي ولا غيره، ولكنني حينها كنت واقعيا إلى أبعد الحدود في مسألة ضرورة التعامل مع إسرائيل كواقع معاش، فكتبت مقالة بعنوان “إسرائيل الحلم في قطر الواقعية”، قلت فيها إن عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة قبلت بتاريخ 11 مايو العام 1949، أي قبل 67 سنة، وقبل استقلال غالبية الدول العربية والإسلامية، وذلك بعد تصويت 37 دولة مع القرار و12 دولة ضد القرار و10 دول ممتنعة عن التصويت. وقلت ضمن المقالة إنه في ذلك الوقت كان إجمالي أعضاء المنظمة الدولية 59 دولة فقط، وهذا يعني أن أكثر من 62 في المئة من الأعضاء وقفوا إلى صف إسرائيل. اليوم وبعد أن انتفخت الجمعية العامة بأكثر من 193 دولة، أعتقد أن نسبة الذين يقفون في صف إسرائيل زادت عن النسبة المئوية السابقة، ووصلت إلى ما يفوق 83 في المئة، وبخاصة بعد اعتراف نحو خمس دول عربية وعدد غير قليل من دول إسلامية بدولة إسرائيل، التي يطلق عليها الحالمون بعودة الوطن السليب “الكيان الصهيوني” تارة، و”الاحتلال الإسرائيلي” تارة أخرى. ولم يتبق من الذين لم يعترفوا بها إلا 32 دولة فقط تناثرت على مسطح الكرة الأرضية كحبات سبحة مفقودة، لدرجة أن جامعة الدول العربية نفسها اقترحت في العام 2002 أن تقوم الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ضمن مبادرة السلام العربية وكجزء من حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وذكرت ضمن المقالة أنني من وجهة نظري الشخصية أعتقد أن مجرد مشاركة كل الدول العربية والإسلامية بالحضور للجمعية العامة للأمم المتحدة بوجود الوفد الإسرائيلي معها تحت سقف واحد، يعني ظاهريا وليس ضمنيا أنها تعترف باسرائيل، وإلا فما معنى وجودها مع إسرائيل التي لا تعترف بها؟ وإذا كان «في أمهم خير»، وأقصد كل الدول العربية والإسلامية التي لا تعترف بإسرائيل، لتنهض واقفة على الملأ الحاضر في الجمعية العامة أو في أي جلسة من جلسات مجلس الأمن وتقر بأنها لا تعترف بإسرائيل. أقول هذا لإن غالبية الدول العربية، وكثير من الدول الإسلامية، عدلت وغيرت من لهجتها السياسية تجاه إسرائيل منذ عقود، فأخذت تطلق عليها مسميات لم يكن يسمعها أولئك الحالمون، مثل «حكومة إسرائيل» بدلا من «حكومة دولة الصهاينة»، و«دولة إسرائيل» بدلا من «الاحتلال الإسرائيلي». وذكرت أيضا أن دولة قطر وسلطنة عمان تتعاملان مع الواقع الإسرائيلي بواقعية شديدة وتعترفان أمام الملأ بأنها أمر واقع لا يمكن أن نغض الطرف عنه. فقد قامت دولة قطر وسلطنة عمان بفتح مكاتب تجارية إسرائيلية في العام 1996، واستمرت العلاقات القطرية – الإسرائيلية حتى العام 2000، عندما أغلقت هذه المكاتب رسميا إثر إندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. إلا أن هذا الإغلاق يبدو أنه شكلي للعرض في «الفترينة السياسية» فقط. إذ لم يمنع هذا الإغلاق من مواصلة العلاقات الثنائية في المجالات الأخرى كالرياضية مثلا، وعلى المكشوف بدلا من أن تكون وراء الكواليس، وبشكل مباشر بدلا من أن تتجه إسرائيل لاقتحام الأسواق العربية بطرق أخرى سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة. وقلت إذا كانت دولة فلسطين نفسها، ومن خلال السلطة الفلسطينية التي تعتبر الممثل الشرعي للفلسطينيين الذين سلبت أراضيهم، هذه الدولة قامت بترسيخ علاقاتها مع إسرائيل «عالآخر»، فلماذا يتصرف البعض من العرب والمسلمين بملكية أكثر من الملك الفلسطيني؟ ورغم ذلك فمازال هناك من يتعامل مع دولة إسرائيل بمبدأ «مشتهي ومستحي». وبينت أن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل فهمت وتعاملت مع الواقع بإيجابية، وعلى رأسها دولة قطر التي استضافت أخيرا بطولة كرة الطائرة الشاطئية التي تشارك فيها إسرائيل قبل أيام. وإذا كنا ومنذ عقود نتعامل مع اسرائيل بطريق غير مباشر، وذلك عبر شركات إسرائيلية تحمل جنسيات دول أخرى، وأغلب الشركات العربية والإسلامية ورجال الأعمال يعرفون هذه الحقيقة المضحكة، فلماذا مواصلة هذا الدلع السياسي. وإلى متى؟ اليوم يبدو أن زيارة أي سعودي لإسرائيل صارت أمرا عاديا حتى لو لم يكن هذا السعودي يمثل الحكومة السعودية، والدليل أن السيد أنور عشقي بغض النظر عن مناصبه الرسمية السابقة لم يحاكم ولم يساءل، بل ولم تنقلب الدنيا رأسا على عقب، وكأن الأمر صار عاديا هناك. وهذا أمر يدعو إلى الارتياح ليس من باب الرغبة في تأسيس علاقة مع إسرائيل، أبدا ولكن من باب الواقعية العربية الجديدة التي هبت رياحها على المنطقة.

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك