لماذا الغرق في عيوبنا أو الزهو بغرورنا؟!.. يتسائل مسفر الدوسري
زاوية الكتابكتب أغسطس 17, 2016, 11:33 م 347 مشاهدات 0
الجريدة
فلنحافظ على عيوبنا
مسفر الدوسري
نفكر في التخلص من عيوبنا أكثر من التفكير في الحفاظ على مزايانا، ناهيك عن نمائها، لتأخذنا يد الغرق في الأخطاء والخطايا، وعندما نفعل العكس، تأخذنا يد الزهو للغرور!
كلاهما ليس 'خياراً' تشكر الحيلة عليه، ربما لا يعرف البعض منا أن الخيارات المعروضة ليست هي دائماً الخيارات المتاحة، فمن يعرض عليك الخيارات، هو في الحقيقة لا يمنحك حرية الاختيار، كما يدَّعي، هو فقط يحدد أفقك ضمن إطار خياره هو، زاعماً أن هذه هي الخيارات المتاحة لديك!
لماذا لا يكون هناك خيار آخر؟! لماذا الغرق في عيوبنا أو الزهو بغرورنا؟!
ليس الهدى باتباع سِفر عيوبنا، ولا الرشد باتباع آيات مزايانا،
عندما ننشغل في التفكير بعيوبنا دائماً يصاحب ذلك الطريق خطر الوقوع في العيوب حد اللامخرج، طريق أشبه بالمتاهة، يمضي المرء بقين أنه يسير عكس الهاوية، وفجأة يجد نفسه على شفيرها! وبدل أن يتخلص من عيوبه يجد نفسه قد أصبح فريستها! لا يعود يرى سواها، فتصبح الذات مملؤة بالسلبية والعطَب، يصاب القلب بعمى الألوان، فلا يرى سوى لون واحد فقط، وهو الأسود، فلا تعود بصيرته قادرة على الحكم، ولا تعود الروح كما الزجاج الشفاف اللامع والخالي من الخدش، بل زجاج لا يمكن الجزم بماهيته التي أضاع ملامحها القاذورات، ما يجعل مجرد التفكير بالاقتراب منها حماقة لا تغتفر!
هل هذا خيارٌ تستحقه أنفسنا ونرضاه لها؟! حتما هو ليس خيار من يريد لنفسه أن تحب الحياة لترضى عنها الحياة، إنما خيار من أصرَّ على نفسه بألاّ تغادر القاع!
في حين ان تركيز المرء على مزاياه يشغله عن عيوبه، فيبحث تحت الرمل عما يُشع فيه، مهما صغر حجمه، لينتشله ويعيد له بريقه، يغوص في ذاته ليُخرج المحار، بحثاً عن اللآلئ المخبوءة فيها، ويحمي ما يجمع من ثروة روحه بكل أشكال الإيمان بها، لتبقى روحه ثرية ومقصداً للأرواح الأخرى، وظلاً تستظل به الطيور وتحب أن يكون لها به مأوى، وقلبه نهرٌ لا يموت من الظمأ!
بحثنا الدائب عن الجميل فينا والفرح به، يزيدنا محبة لأنفسنا والتصالح معها، ما يسهل علينا معاً (نحن وأنفسنا) القدرة على التعايش معا برضى، وهذا بدوره يسهّل القدرة على فهم الآخرين لنا، وهو كل ما نحتاجه للتواصل مع آخر.
إلا أن هذا الخيار، على روعته، لا يخلو من غصة كبرى، فالجمال أينما حلَّ يصاحبه الزهو، والزهو مقبض باب الكبرياء! والحديث الشريف يقول: 'لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال ذرة من كِبر'!
إذا المرء لم يرَ سوى مزاياه، أيقن أنه بلا عيوب، فبأي النارين يستقر الخيار؟! نار العيش في القاع؟! أم نار الزهو؟!
الحل ليس في أي منهما ولا ينبغي له، لا بد أن هناك خيارا متاحا آخر مثل: 'أن تكون ما استطعت جميلاً، وأن تحرص كثيراً على ألا تخلو من العيوب، ليصدق الآخرون أنك... بشر'!
تعليقات