تركي العازمي يكتب .. الأخلاق واحتواء الخلاف
زاوية الكتابكتب أغسطس 16, 2016, 12:18 ص 436 مشاهدات 0
الراي
وجع الحروف - الأخلاق واحتواء الخلاف
د. تركي العازمي
يقال حسب ما هو منقول وراق لي، إن ١٠ في المئة من الخلافات سببها وجهات النظر، و٩٠ في المئة، بسبب نبرة صوت خاطئة (أسلوبك في الكلام قد يجعلك تتفق مع من تختلف معه٬ أو تختلف مع من تتفق معه).
ويحكى أن يونس بن عبدالأعلى، وهو أحد طلاب الإمام الشافعي، رحمهما الله، اختلف مع الإمام في مسألة أثناء إلقائه درسا في المسجد، فترك يونس الدرس غاضباً، وذهب إلى بيته.
فلما جاء الليل سمع يونس صوت طرق على باب منزله٬ فقال: من بالباب؟ فجاءه الرد: محمد بن إدريس.
قال يونس: ففكرت في كل من كان اسمه محمد بن إدريس إلا الشافعي! فلما فتحت الباب فوجئت به٬ فقال: يا يونس تجمعنا مئات المسائل٬ وتفرقنا مسألة؟
نستشف من هذه الحكاية ومن نسبة الخلافات أننا وحسب المشاهدات، أن أحبتنا افترقوا إلى كتل ومجاميع وأفراد... كل فرد أو مجموعة أو كتلة تحاول الانتصار في كل الخلافات، وبعضها يهدم الجسور التي جمعت بين أفرادها لأسباب في غالبها لا ترقى إلى وجود الفرقة من الأساس لو كان بينهم رشيد.
نحن جميعاً نختلف في ما بيننا ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نخسر قلوباً أحبتنا، وألا نهمش دورها في بعض المسائل، فالجميع بغض النظر عن ذواتهم، فهم يمثلون مكونات المجتمع والكل ينظر إلى مصلحة الوطن من وجهة نظره، وقضية تقييم وجهة النظر تحتاج إلى حوكمة نفتقدها!
وسبب تفشي الفساد وإقصاء الكفاءات، جذوره تعود إلى الخلاف الذي لم يفهم. بعضهم يريد الحلول حسب ما توحي له قدراته وإمكاناته... فإن كان فاقدا للإمكانات والقدرات وزاد عليها ضعفاً في التركيبة الأخلاقية، فمن الطبيعي أن تقديره للكفاءة والجدارة غير مبني على أسس احترافية ولا يمكن له إدراكها.
إن سقنا وغيرنا أمثلة عن الفساد استناداً إلى تقارير وإجراءات عمل سليمة ومعايير قيادية وإستراتيجية، نجد البعض يقرأ ما يكتب ولا يعيره اهتماما، لأن اللغة التي نتخاطب بها مختلفة مع أنها مكتوبة ولا صوت فيها. يعني أنها من ضمن الـ ١٠ في المئة: فلماذا لا نحتوي الخلاف من باب أخلاقي؟
لست هنا بصدد سرد الأمثلة... إنها كثيرة لا تعد ولا تحصى، لكن ما أعنيه وأحاول التركيز عليه لا يتعدى أهمية توفير الأخلاق السلوكية الحقة لاحتواء الخلافات.
لا أحد يستطيع أن يقنعك بوجهة نظره إن كنت في ذات نفسك غير راغب في الاستماع، ونحن جميعا غير ملزمين في تغيير وضع أحبتنا «Attitude» لكن نوجه النصح.
النصيحة هنا تتطلب توفير معايير محددة وأخلاقيات سلوكية معينة... يستطيع الفرد أن يقارن بين وجهة نظره وبين ما يدفع به الطرف الآخر، وهنا وإن كنت لا «ترغب» ستجد نفسك تلقائياً منصاعاً إلى وجهة النظر الصحيحة بحكم قوة نفوذ الحوكمة وتقييم العقلاء الحكماء من أصحاب القرار.
تهمنا مصلحة الوطن ونختلف في طريقة إدارة مؤسساتنا في جوانب عدة من خدمات صحية، تعليمية٬ سلوكية٬ اقتصادية، وسبب تدهور الأوضاع لدينا يعود إلى غياب معايير تحدد من هو المخطئ، ومن هو المحق الذي يحتاجه الوطن لإدارة شؤونه.
لننبذ الخلاف ونرسم علاقة جيدة في ما بيننا البعض، ونقرب من أقصيناه، لعلنا نستطيع تدارك الأمر بعد أن وصلت الحالة إلى الاقتراض ورفع الأسعار وسوء الإدارة وانحدار في القيم الأخلاقية التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي: فهل من متعظ؟... الله المستعان.
تعليقات