معالجة التطرف تبدأ من الاسرة.. برأي هيلة المكيمي

زاوية الكتاب

كتب 276 مشاهدات 0

د. هيلة المكيمي

النهار

حياد إيجابي-أمن الأمهات والتصدي للإرهاب!!

د. هيلة المكيمي

 

بعد استمرار شدة المواجهات في الولايات الاميركية والتي اخذت طابع الصراع العنصري مابين البيض والسود، الى جانب موجات الارهاب والتي ضربت العديد من الدول بما في ذلك حادث اولاندو الشهير، بدأ المجتمع الاميركي يتحدث عن مفهوم جديد لمعالجة تلك الظاهرة من خلال ما يعرف «بأمن الامهات» وتتلخص بقيام عدد من الامهات الاميركيات بأخذ زمام المبادرة وتشكيل رابطة لمراقبة اي سلوك متطرف في ابنائهن وتوجيهم التوجيه الصحيح وفقا لمبادئ العدل والمساواة والتي لها تاريخ في التطور في الداخل الاميركي.

المجتمع الاميركي لديه جذور في رسوخ ثقافة المجتمع والعمل المدني والذي سرعان ما يصبح قوة حقيقية ومؤثرة في الانتخابات الاميركية، وما يحدث اليوم لديه العديد من السوابق الناجحة والمهمة في تاريخ المجتمع المدني الاميركي ومنها على سبيل المثال حينما اقدمت مجموعة من الامهات كذلك على تشكيل لوبي ضاغط لمنع قيادة السيارة تحت تأثير الخمور او استخدام الهاتف النقال وذلك بعد ان فقدن ابناءهن بسبب ذلك السلوك، وبالتالي تحولت تلك الرابطة الى احدى اقوى اللوبيات الضاغطة في العاصمة الاميركية، ولا يمكن لأي سياسي تجاهل مطالب تلك الرابطة، ولهذا ليس لدي شك في قدرة المجتمع الاميركي على تصحيح نفسه ومساره بعد ظهور موجة التطرف العنصري الاخيرة والتي اجتاحت العديد من تلك الولايات.

يبقى السؤال المهم كيف للمجتمعات العربية الاستفادة من تلك الظاهرة؟ وهل تستطيع ان تصحح مسارها في اوقات الانحراف المجتمعي لاسيما في معالجة التطرف الديني؟ وما حقيقة قوة المجتمعات المدنية في الدول العربية وهل تتمكن ان تكون لوبيات ضاغطة تؤثر على المطالب الانتخابية ام ان طبيعة الضغط الانتخابي ينحصر فقط في المطالبات الشعبية بعيدا عن مطالبات الاصلاح المجتمعي؟

كل تلك التساؤلات تفرض نفسها امام هذا المشهد، لاسيما بعد ان اصبحت الاسرة العربية مهددة من ابنائها وذلك حينما اقدم العديد من المتطرفين على قتل افراد اسرهم بعذر الجهاد والتعاون مع الحكومات العميلة وغيرها من مسوغات تطالعنا بها وسائل الاعلام من حين لآخر.

تحدث الكثيرون بأن معالجة التطرف تبدأ من الاسرة، كونها المكون اللصيق في الانسان، فالاسرة تستطيع ان تعرف طبيعة التغير الذي يطرأ على سلوك المتطرف وبالتالي تسعى لمعالجته، الاشكالية في مجتمعاتنا ان ذلك الحديث اصبح لا يعدو ان يكون حديثا انشائيا لا يترجم على ارض الواقع. كما ان الاشكالية الاكبر حينما تكون الاسرة المسؤولة عن خلق جيل مثقف قادر على مواجهة المستقبل بقوة، تكون اسراً متطرفة او هي من تدفع بابنائها للتطرف!!

حقيقة المجتمعات العربية بأمس الحاجة لشبكات الامان الاجتماعي ولخلق وتفعيل ثقافة المجتمع المدني، فالمبادرة لا تقتصر على الحكومات او المؤسسات الغربية التي تستهدف الفاعلين السياسيين، بل المبادرة لابد وان تنبع من الداخل وباعتقادي نحن بأمس الحاجة لثقافة امن الامهات العربيات.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك