القمة الخليجية وطعم الحلوى المسقطية
خليجيالسيادة تطل على قمة مجلس التعاون الخليجي 29
ديسمبر 31, 2008, منتصف الليل 760 مشاهدات 0
يعرف صانع الحلوى العماني أن عليه وضع بعضا من الشاي لإضافة اللون والطعم المميز إلى الحلوى المسقطية ، وكنا نظن إن ذلك لون الزعفران فقط ، كما يعرف أن عليه تحريك الزبدة والسكر بصبر طويل لآن احتراق السكر يعني رائحة غير مرغوبة في الحلوى المسقطية .
وعندما قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارة القدس في 19 نوفمبر 1977م تكونت جبهة الصمود والتصدي ،و في مؤتمرها الأول في ليبيا قررت تجميد العلاقات الدبلوماسية مع مصر، أعقبها تشكل كيان سياسي من العراق وليبيا وسوريا ومنظمة التحرير والجزائر . وقد نجح ذلك التحالف السياسي في عزل وتجريد مصر من القيادة، بل ونقل مقر الجامعة إلى تونس. ثم غامر الطاغية صدام بغزو إيران1980م وكان ان انقلبت سوريا وليبيا ضده فتفككت جبهة الصمود والتصدي .و لم تجد الدول الخليجية مناصا من مسايرة قرار من مجلس جامعة الدول العربية لتجميد علاقاتها مع مصر ،لكن سلطنة عمان رفضت ذلك وتحملت كل نقد تم توجيهه إليها. وأثبتت الأيام أن السلطنة كانت نافذة الخليجيين على مصر بمدرسيها وأطبائها ومهندسيها وعمالها الذين لا بديل لهم إلا من جهة تخل بالتركيبة السكانية الخليجية ثقافيا واجتماعيا .
لم يستعجل الصانع العماني في تحضير الحلوى المسقطية آنذاك فهل ما جري في قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التاسعة والعشرين التي اختتمت في مسقط مؤخرا هو خروج عن الإجماع الخليجي في قضية العملة الخليجية الموحدة بدعوى السيادة أم هي واقعية صانع الحلوى المسقطية وصبره الطويل حتى تنضج الأمور؟
لاندعي التخصص في الأمور الاقتصادية ، لكن المادة 22 الاتفاقية الاقتصادية الموحدة 1981م بين دول مجلس التعاون تنص على سعي الدول الأعضاء لتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية، ودعم التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية لديها، بما في ذلك إنشاء عملة موحدة لدعم تكاملها الاقتصادي المنشود. وعليه تبرز من جديد قضية السيادة التي طالما كانت سببا في تعطل الكثير من مشاريع التكامل الخليجي .
التخلي العماني عن السيادة النقدية يعني تخلي السلطنة عن حرية إجراء أي تغيير في أسعار الصرف منفردة تجاه الريال العماني ، كما يعني تخلي العمانيين عن حق اللجوء إلى إجراءات طارئة لمواجهة الأزمات المالية والمصرفية، وقد دعم هذا التوجه ماتمر به المنطقة من أزمة مالية نتيجة تدني أسعار البترول بعد الأزمة المالية العالمية . لكن الخطوة التي اتخذت لتوحيد العملة الخليجية لم تأت كقرارا عاطفي غير مدروس وعلى عجل ، ونحن على ثقة بأن هناك إجراءات خليجية مشتركة قد تمت حيال معدلات التضخم و أسعار الفائدة ، واحتياطات كل بلد من النقد الأجنبي، وقضايا الدين العام والناتج المحلي وغيره من الأمور الفنية المتعلقة بالاقتصاد. فأين كان رجال الاقتصاد العماني من تلك الأمور؟ ولماذا تعشم المواطن الخليجي بأمور يكتنفها الكثير من المعوقات ؟ خصوصا ان ذلك المواطن قد مل من انتظار الوعود التي قد لا تعني له الكثير في معناها كرجل بسيط مثل ان يمد يده الى جيبه ويخرج النقود التي جاء بها من الكويت ليتبضع بها في إمارة عجمان ، او ان تكفيه بطاقته المدنية لعبور الحدود بين قطر والسعودية .
في عام 1991م طرح جلالة السلطان قابوس فكرة الجيش الخليجي الموحد، وقد شعر كل من تشغله قضية أمن الخليج العربي أن إحالة فكر السلطان' للدراسة ' من قبل المجتمعين في مؤتمر قمة الكويت 1991م أنما هي إطلالة لقضية السيادة الكئيبة برأسها من جديد لإفساد كل خطوة خليجية جسورة نحو التكامل .نعم فقد كان ذلك الجيش المكون من مائة ألف رجل كما اقترح السلطان قابوس تدخل في الأمور السيادية لدول المجلس، وتدخل في صفقات السلاح كل على حدة وفي عقد الاتفاقيات الأمنية كل على حدة وفي التمارين المشتركة مع قوات الناتو كل على حدة ، وفي ذلك تنازل عن السيادة القطرية المقدسة .
إن الحماس الخليجي المفقود لفكرة السلطان قابوس عام 1991م حيال الجيش الخليجي الموحد هو نفس الحماس العماني المفقود عام 2008م حيال مشروع العملة الموحدة وهذا ما افقد الحلوى المسقطية هذا العام بعضا من طعمها اللذيذ .
تعليقات