عن مؤتمر القدس السنوي .. يكتب عبد اللطيف بن نخي
زاوية الكتابكتب يوليو 6, 2016, 11:42 م 565 مشاهدات 0
الراي
رؤية ورأي - مؤتمر القدس السنوي
د. عبداللطيف بن نخي
أبارك لكم عيد الفطر السعيد، وأسأل الله تعالى أن يعيده علينا ونحن بل البشرية تنعم بالأمن والسلم والحرية والكرامة في عالم يخلو من تنظيمات ارهابية وأفكار متطرفة.
منذ العام 2003 وأنا اتسلم دعوة من حركة التوافق الوطني الاسلامية لحضور مؤتمرها السنوي حول القدس. ما يميز هذه المؤتمرات عن الفعاليات السياسية الاخرى المناصرة لقضية القدس، هو شمولية وموضوعية الخيارات الاستراتيجية التي تطرح وتناقش في تلك المؤتمرات. ورأيي الشخصي في ما طرح في تلك المؤتمرات تشكل من خلال حضوري العديد من جلساتها العلمية، فضلاً عن اطلاعي على وثائق تلك المؤتمرات واحتفاظي بنسخة منها في مكتبتي الواقعية في منزلي والأخرى الافتراضية في كمبيوتري. ولذلك أوصي المهتمين بالقضية الفلسطينية بالاطلاع على تلك الوثائق المتوافرة في بعض المكتبات وعلى شبكة الانترنت.
المشارك الابرز في تلك المؤتمرات، هو السيد أمين عام حركة التوافق نظرا لالتزامه المشاركة بورقة علمية في كل مؤتمرات القدس التي نظمتها الحركة، فضلاً عن صدارة بحوثه من حيث عمق الاستنتاجات والدلائل وحداثة الافكار والآراء ضمن هيكلية علمية واضحة ومتينة. كما أن أطروحاته غالبا تسلط الاضواء على الخيارات السلمية والحضارية المكملة للخيار العسكري مع العدو الصهيوني. الأمثلة على ذلك كثيرة، ولكن قد يكون أبرزها البحث المعنون «مشروع ثقافة حوار الحضارات وتعايشها في المواجهة مع الصهيونية» والورقة العلمية «المقاومة المدنية لهيئات المجتمع المدني في المواجهة لنصرة القدس».
مما جاء في بحوث السيد الأمين العام في شأن القضية الفلسطينية قوله «إن أفضل طرح لقضية فلسطين هو الطرح الذي يراعي المشتركات الإنسانية والذي يخاطب الشعوب والملل بلغتهم ولسانهم ومن خلال فكرهم وثقافتهم، فليس من العقل أن نخاطب أمم غيرنا بخطابنا، فهم لا يدينون بما ندين به ابتداء، لذلك يصبح من العبث الاقناع بالاستنتاجات حيث إنهم لم يقبلوا بالمقدمات.» ويضيف: «لذا يتحتم علينا أولا معرفة لغة القوم وثقافتهم ومن ثم دراسة المشتركات مع حضارتنا وبعدها يتم رسم الخطاب السياسي والإعلامي ووضع آليات التنفيذ الشعبية والرسمية له على أن يتم ذلك وفق الأسس العلمية لفنون الاتصال، وكذلك الاستفادة من المشتركات في الاسس والقيم الانسانية مع الحضارات كافة».
وبسبب آرائه وتوجهاته الحضارية، اتهم من قبل البعض بأنه يميّع مفهوم المقاومة الاسلامية في فلسطين.
لم يتبن السيد الأمين العام النهج الحضاري السلمي - المبني على المشتركات - كخيار استراتيجي للقضية الفلسطينية فقط، بل أن مساره كان ولا يزال وفق خط رسمته عقيدته السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. فقد شارك - من خلال حركة التوافق - في تنظيم فعاليات محلية توافقية عدة، منها منتدى التوافق الاجتماعي بعنوان «العدالة الاجتماعية وتنمية الاوطان»، وملتقى تكامل الحضارات، لمناسبة مولد نبي السلام سيدنا عيسى بن مريم. وأما على المستوى الخارجي فله العديد من الاوراق العلمية حول الوحدة والتكامل الاقليمي، منها تلك المعنونة «سبل تكامل الأمة الإسلامية» التي عرضها في المؤتمر الثالث والعشرين للوحدة الاسلامية. وأيضا ورقته المعنونة «السلام، الخطاب المشترك بين الاديان والمدارس الفكرية الشرقية» التي ألقاها في المؤتمر الدولي لحوار الاديان والثقافات الاسيوية. وكذلك على المستوى الدولي له العديد من المشاركات حول التكامل من أجل السلم الدولي ومن بينها ورقته العلمية التي قدمها في المنتدى الدولي لدول حوض البحار الثلاث في اسطنبول حول دور المجتمع المدني في ترشيد العلاقات وإعادة صياغتها تكاملياً.
رغم أن الاستاذ زهير المحميد - أمين عام حركة التوافق - مستشارا في الشؤون الاستراتيجية، إلا أنه ليس مجرد منظراً في الاستراتيجيات الحضارية السلمية لإدارة العلاقات والأزمات، بل أنه مبادر للعديد من المشاريع الميدانية التي تؤكد ايمانه والتزامه بالعمل من خلال المشتركات. فمن بين مشاريعه - عبر حركة التوافق - تأسيس مجلس العلاقات الإسلامية - المسيحية، وكذلك مساعيه المحورية من أجل تحقيق التكامل بين التيارات السياسية المحلية رغم قصر عمر «التوافق» على الساحة السياسية مقارنة بالتجمعات المناظرة.
لذلك أناشد حركات المقاومة الفلسطينية ومن يدعمها للاستفادة من التراث العلمي الذي أنتجه المستشار الاستراتيجي زهير المحميد، وتبني دعوته إلى العمل ضمن المشتركات في الاسس والقيم الانسانية مع الحضارات كافة. وعليه، انصحهم بوقف استهداف المدنيين الاسرائيليين في المواقع المدنية كالأسواق ووسائل النقل، لأن في ذلك خرقاً للقانون الدولي الإنساني - وهو من المشتركات الأممية - الذي يوجب حماية السكان المدنيين في الصراعات المسلحة. علينا أن نفعل دور المنظمات الدولية، وفي مقدمها منظمة المؤتمر الإسلامي، إذا أردنا التصدي لجرائم العدو الصهيوني وغلبته. فعلى الدول الاعضاء في المنظمة، المبادرة بتقديم مشاريع متكاملة لمواجهة اسرائيل ثم العمل من اجل اقرارها وتنفيذها ولو امتدت لسنوات. أما استهداف المدنيين الاسرائيليين فلن يثني العدو عن مشاريعه بل سيستمر في توظيفه لتبرير جرائمه.
وفي الختام، أقول للأستاذ زهير المحميد، أقدر الظروف التي منعت حركة التوافق من تنظيم مؤتمر القدس السنوي ومنعتك من كتابة بحث حول القضية الفلسطينية في هذا العام، ولكنني أتطلع لقراءة بحوثك والاستمتاع بمحاضراتك في الاعوام المقبلة... آمين يا رب العالمين.
تعليقات