المجتمعات العربية تعرضت لتعليم رديء أو مسموم .. هكذا يرى صلاح الساير
زاوية الكتابكتب يوليو 6, 2016, 11:26 م 530 مشاهدات 0
الأنباء
السايرزم- التعليم في قفص الاتهام
صلاح الساير
لسنا نميط اللثام ولا نذيع سرا حين نقول ان المجتمعات العربية تراجعت كثيرا عما كانت عليه قبل ان تتشكل الدولة العربية الحديثة، فغربت عن مدن العرب وقراها شموس التسامح والتعايش والانضباط وإتقان العمل، وهبت عليها رياح القسوة والتناحر والفوضى والتوحشن والتواكل.
وطفق الجميع يسألون عن سبب هذا التراجع العربي، وما الذي حل بالعرب؟
***
عندما نعقد مقارنة بين المجتمعات العربية الراهنة ومجتمعات ما قبل طلوع الدولة الحديثة، نجد ان التعليم «النظامي المجاني» هو الفارق الأكبر والأعمق تأثيرا.
فالتعليم يعمل على «تغيير الأفراد» وربما تعرضت المجتمعات العربية، دونما قصد، لتعليم رديء أو مسموم أضعف مناعتها الفطرية، وعجز عن تشكيل ذائقتها الحضارية، ولم يحصنها من الوقوع في اشراك التخلف والتقهقر والتردي.
وتلك مفارقة عجيبة ربما لم تحدث لدى الأمم الأخرى.
***
كانت الحياة في الماضي هي «المدرسة» وقت كانت الأسواق والحرف والمهن والتجارة وسواها من مناشط تصوغ ذهنيات الناس الذين كانوا يشكلون أغلبية المجتمع حتى بدأ محمد علي باشا بنشر التعليم في مصر بغرض سد حاجات الدولة من الموظفين، وبعد ذلك انتشر التعليم الحكومي المجاني في الدول العربية عبر معلمين لم يتسن لهم التخلص من الأهواء السياسية والمفاهيم الأبوية «البطريركية» أو الوقوف على النظريات التعليمية الحديثة.
***
دول ناشئة حديثة العهد بالحكم المركزي والتعليم النظامي، تقاذفتها أحداث كبرى مثل «الاستقلال الوطني وقضية فلسطين وبروز الاسلام السياسي واكتشاف النفط» فانصهر الدين والسياسة والعلوم والعروبة والمعارف في بوتقة واحدة اسمها «التعليم» الذي تم حقنه في العقول الصغيرة حتى كبرت دون أن يشذب التعليم حسها الحضاري، فتغلبت مخرجات «مدرسة الحكومة» على مخرجات «مدرسة الحياة» وصار من الاعتيادي وجود شخص يحمل شهادة جامعية بالهندسة تمكنه من تصميم وشق ورصف شارع لا يحترم قانون المرور فيه!
تعليقات