د. أحمد عبد الملك يكتب : فضائيات رمضان
زاوية الكتابكتب يونيو 30, 2016, 6:25 م 391 مشاهدات 0
في شهر رمضان المبارك تنشط شركات الإنتاج التلفزيوني لتقديم البرامج والمسلسلات، بقصد إمتاع المشاهد، وإضافة فائدة جديدة لمعلوماته بعد يوم حافل من الصيام. كما ينشط النقاد، وبعضهم عاطفي ومتحمس أو متعصّب لرأيه، في «تفنيد» تلك الأعمال، ونقدها أحياناً بصورة قاسية، دونما اعتبار لمدى المعاناة المادية والجهد الفكري الذي بُذل في إنتاجها. وهناك من ينتقد دون أن تكون لديه الخلفية الكاملة عن العمل التلفزيوني، والدرامي بالأخص، ودون أن يدرك الأبعاد الفنية لاتجاهات هذا المسلسل أو ذاك.
واليوم، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أرباع شهر رمضان، استطاع الواحد منا تكوين فكرة عن أبرز ملامح اتجاهات البرامج والمسلسلات المقدمة حتى الآن خلال الشهر الكريم.
أولاً؛ البرامج: ظهرت بعض البرامج في المحطات الخليجية معتمدة على الإثارة التي تصل حد تحقير الإنسان، وإبكائه، وازدراء بعض فئات المجتمع، خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة. كما بدا ذلك في برامج الكاميرا الخفية التي لم تنجح حتى اليوم في تقديم ما يخدم العقل، دون المساس بكرامة الإنسان وخصوصياته. ولو كانت بعض المشاهد المعروضة في السماء العربية حالياً تعرضُ في الدول المتحضرة، لأقامت المحاكمُ الدنيا على مثل هذا الإنتاج! وتدخل ضمن هذا الإنتاج أيضاً برامج تُعرّض الإنسان (الضيف) للخوف والهلع والإهانة!
ومن البرامج التي كان يتوقع أن تحقق نجاحاً، نظراً للنجوم الذين اشتركوا فيها، برامج الحوارات مع المشاهير، لولا أن بعض مقدمي تلك البرامج يفتقرون للخلفية الكافية للحديث مع هؤلاء النجوم، وفتح أقفالهم المغلقة! فبعض المقدمين يخلط في المُسميات والأسماء في عالم الفن، كونه بعيداً عن الأعمال الفنية والتلفزيونية والمسرح والغناء والتمثيل، رغم فِرق البحث التي تعد لهم الحلقات. وبعضهم كان يعتمد على «التلقين» عبر سماعة الأذن، كما تفاوتت ثقافة الشخصيات التي تمت استضافتها، وهناك لقاءات لم يخرج المشاهدُ منها بأية قيمة فكرية أو فنية، إذ ليس لديها ما تقوله.
ومن برامج المسابقات ما ظهر بشكل تقليدي «ممسوخ»، ولكأنه يُعرض عام 1974، من حيث سذاجة الأسئلة وسهولتها، وإمعان المقدم في منح الجوائز دونما جهد من المتسابق، ولعدم تجاوب المقدم مع الكاميرا. وهنا نود التذكير بأنه ليس كل ممثل ناجح يمكن أن يكون مقدمَ برامج ناجحاً. وقد سقط ثلاثة من النجوم هذا العام في مثل هذه البرامج، بل إن قيمتهم الفنية تأثّرت بعد تقديمهم لمثل هذه البرامج. وهناك برامج تناولت قضايا الساعة، فأوضحت حالات «الانشطار» داخل المجتمع الواحد. وهنا ينبغي التأكيد على قيمة الحرية و(سعة الصدر) في تقبُّل مثل هذه الأعمال، خصوصاً إن التزمت بتوازن الطرح وعقلانيته.
ثانياً؛ المسلسلات: تفاوت الإنتاج الخليجي هذا العام، وإن كان بعضه قد تناول قضايا مجتمعية مهمة، وبعضها لجأ إلى الرواية، وهذا اتجاه حميد نأمل أن يتكرر في السنوات القادمة. وكانت الملاحظات العامة على المسلسلات كالتالي:
تحريف النص الروائي عندما تم تحويله إلى سيناريو تلفزيوني، ما أفقده متعة المُشاهدة مقارنة مع متعة القراءة للرواية، وذلك لاعتبارات يدركها القائمون على أمور الإنتاج، وأهمها تقليص الميزانيات. وهذا التحريف ربما أهمل الشخصية الرئيسية في الرواية، لصالح شخصية أقل أهمية فيها. وناقشت بعض المسلسلات موضوع الساعة، وهو الإرهاب، وذلك اتجاه حميد تستلزمه المرحلة الحالية. شابَ بعض المسلسلات بعض التطويل، وتكرار عرض العُقدة تقريباً في كل حلقة. تكررت قصص بعض المسلسلات العربية لسنوات طويلة، وهذا يبعث السأم والملل. برز بعض الممثلين الخليجيين بأدائهم الجيد، خصوصاً في المسلسلات الكويتية التي احتضنت بعض الفنانين الخليجيين إلى جانب الكويتيين. ركزّ معظم الإنتاج الدارمي على المشاهد الداخلية، ما يُفقد المُشاهد متعة الإبصار. هنالك بعض الهنات الإخراجية، كأن تظهر ممثلة من الصالة وهي تضع أحمر الشفاه، وتدخل الغرفة في نفس المشهد وهي تضع وردي الشفاه! ومن اللمحات الجميلة تضمين إشارات المسلسلات أصواتاً لمطربين بارزين، أجادوا تجسيد أحداث المسلسل.
وبعد، فهذه ملاحظات عابرة حول بعض ما شاهدته من مواد تلفزيونية هذا العام، وأنا أشكر كل الفنانين والفنيين الذين أمتعونا من خلال البرامج والمسلسلات. والملاحظات قد تكون حافزاً لمزيد من الإبداعات وتلافي الهنات، بما يفيد المُشاهد ويُخدم الإنتاج الدرامي.
تعليقات