هل علينا نحن العرب أن نذوق الحروب الأهلية التي ذاقها الغرب قبل قرون لكي نتعلم الدرس؟.. تتسائل أنيسة فخرو
زاوية الكتابكتب يونيو 22, 2016, 11:31 م 426 مشاهدات 0
الراي
ضوء- الديموقراطية (2)
د. أنيسة فخرو
انتشر شريط مسجل لخطاب الرئيس باراك أوباما قبيل مغادرته البيت الأبيض، وهو يعتبر بمثابة خطبة الوداع للشعب الأميركي، ومعه يظهر في الشريط شخص عربي يعلق على مقاطع خطابه، ويقارن وضعنا نحن العرب بالأوضاع في أميركا والغرب.
أوباما يقول إنه يريد الترشح مرة ثالثة لرئاسة أميركا، لكن القانون يمنعه والقانون قانون وعليه أن يحترمه.
ويعلق المعلق بكلام مفاده بأن لدينا العديد «من الحكام الذين يمكنهم أن يغيروا الدستور والقانون من أجل أن تبقى الكرسي أبد الدهر بحوزتهم، ليتربعوا عليها أطول فترة ممكنة، بل يمكن أن يقتلوا حتى أقرب المقربين لهم، ويبيدوا الشعب كله من أجل خاطر هذا الكرسي».
أين يكمن الخطأ، هل في الحكام أم في الشعوب الساذجة التي تمنح الطغاة فرص التجبر والتكبر والفساد؟ وما هو المخرج من هذا الصندوق الأسود الذي حوّل أيام الشعب العربي المنكوب إلى ليل حالك وطويل؟ حتى الثورات أصبحت وبالاً على الشعوب، فما العمل؟ والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
يقول الأخ خلف من السودان: «السبيل والمخرج الوحيد هو الوعي ولا شيء غيره، يجب أن تعي الشعوب أنه لا يوجد حاكم بأمر الله. يجب أن تعي أن التداول السلمي للسلطة بآلية مقنعة للجميع هي الضمان الوحيد للاستقرار والنهضة والتنمية، وثمة حكام يحاربون كل من يعمل لنشر الوعي والمعرفة خصوصاً في ما يتعلق بالحقوق والواجبات، وتراهم ينادون بتطبيق القانون والدستور، وهم أول الناس من يخرق الدستور والقانون، لأنهم يعتبرون أنفسهم فوق كل شيء وأن الأرض ومن عليها ملكية خاصة لهم».
المفكرون والوطنيون، أمثال رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وغيرهما العشرات في مختلف الأقطار العربية، وقبل أكثر من مئة عام، حاولوا نشر الوعي ودفعوا ضريبة باهظة، وللأسف كلما يمر الوقت يزداد التخلف والجهل، فما العمل؟
نعم، ثمة حكام وأنظمة في عالمنا العربي يحاولون البقاء أطول وقت ممكن، ويفضلون المكوث إلى الأبد إذا سنحت لهم الفرصة، فمن لا يريد القوة والمال والصيت والجاه؟
لذلك يبقى الصراع مستمراً أيضاً إلى الأبد، وعلى الأغلب يكون النصر لمن يملك مفاتيح القوة والمال والاعلام، وبفضل هذه المفاتيح يستطيع أن تغير الحقائق ويكتب التاريخ في شكل مغاير تماما للحقيقة.
هناك أنظمة متمرسة بإبداع في استخدام سياسة العصا والجزرة، وفي خلق الصراعات بين الشعب ونفسه، ومتمرسة في فن الخداع، فالحاكم عندما تسمع كلامه تعجب به، لكن عندما ترى أفعاله تتعجب.
ثمة أنظمة في وطننا العربي وفي أنحاء مختلفة في العالم، تعتبر كل شيء غنيمة حتى الديموقراطية، فهي توزعها كما تشاء على الأحزاب والقوى الموالية لها، من أجل فرض المزيد من القوانين المكبلة للحريات، فلا حساب ولا محاسبة على الأجهزة التنفيذية، والأجهزة التشريعية أصبحت جوفاء ومجرد تمظهر بالديموقراطية، والأجهزة القضائية تغض الطرف عن الفساد، لأنها تعرف أن صاحب الدار بالدف ضارب. ومن الواضح والجلي محاولة بعض الأنظمة التلاعب باللعبة الديموقراطية وصنع الأجهزة الشكلية لها، لأن الهدف الأول والأخير بالنسبة اليها، هو الاستئثار بالسلطة وعدم السماح مطلقاً بالمشاركة في الحكم، لتطبيق الديموقراطية الحقيقية الممثلة في حكم الشعب للشعب.
الديموقراطية تم التحايل عليها والتلاعب بها من أجل تحقيق الغاية المضادة لها.
لكن هل يمكن أن تبقى هكذا أنظمة إلى الأبد؟ بالطبع هذا محال، ولدينا أمثلة لا تعد ولا تحصى، زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا، وعلي عبدالله صالح في اليمن، وصدام حسين في العراق. كلهم نماذج على نهاية الديكتاتور، لكن المشكلة أن بعض من جاء بعدهم كان أسوأ منهم، وللأسف الشعب العربي لا يتعلم من الدروس ويكرر الأخطاء حتى أصبح البعض يستمتع بالعبودية.
ماذا يحتاج الشعب العربي؟ هل يحتاج إلى ثورات جديدة؟ البعض يقول إن أميركا وأوروبا مرت بحروب أهلية أبادت الأخضر واليابس وتخبطت لسنين طوال حتى تعلمت الدرس وبدأت تضع قدميها في الطريق الديموقراطي الصحيح.
هل علينا نحن العرب أن نذوق الحروب الأهلية التي ذاقها الغرب قبل قرون لكي نتعلم الدرس؟ وهل ما ذقناه في العراق وسورية وليبيا واليمن لا يكفي، لكي نتعلم منه الدروس؟
تعليقات