التفكك أسري أحد أسباب التطرف .. هكذا يرى خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب يونيو 18, 2016, 12:50 ص 383 مشاهدات 0
السياسة
حوارات- لا يُغالي ويتطرف سوى ضَعِيفُ الإِرَادَةِ
د. خالد الجنفاوي
توجد أسباب مختلفة تمنع الإنسان المتعلم والمتنور من الغلو والتطرف في أقواله وتصرفاته, وفي انطباعاته الشخصية تجاه بعض ما يحدث في العالم الخارجي، ولعل أهم الأسباب الرئيسية التي تمنع الإنسان المتنور من التطرف والغلو والمبالغة في أقواله وتصرفاته, وردود فعله, هو إدراكه أن الانغماس في التطرف مهما كان نوعه أو شكله أو نكهته يدل على عدم تمكن الفرد التحكم بنفسه وضبطها وربما فشله في التعامل الحصيف مع ظروف ومواقف وأحداث الحياة اليومية، فأهم ما يحرص عليه الانسان المتنور هو تنميته لقدراته ومهاراته الذاتية للتعامل مع المواقف الصعبة, أو تلك التي تتطلب إظهار قدر مناسب من الثقة بالنفس والاعتدال والتريث، فلا يقبل المتنور أن ينغمس بأراداته في طرق تفكير رجعية لا تتناسب مع ما بلغه من علم وما اكتسبه من معرفة ولا يغريه شطَط الخيال، فيلزم الحق والعدل والتسامح في كل الظروف والأحوال مقابل كل الأفراد، فيربط المتعلم المتنور بين النأي عن التطرف والغلو بقوة إرادته الشخصية. لا يغالي ويتطرف سوى ضعيف الإرادة وذلك لأنه لم يتمكن بعد من اكتساب المهارات الشخصية والاجتماعية المناسبة التي تحميه من الوقوع ضحية لإغراءات الغلو والتطرف, ولأنه لا يملك كذلك اطلاعا كافياً حول الخيارات الإيجابية المتاحة له لممارسة حياة إنسانية بناءة ومعتدلة، ولهذا السبب ترى الذين ينغمسون في جنون الإرهاب والتطرف والغلو بكل أشكاله وأنواعه واجهوا مشكلات كثيرة في السابق تمثلت في عدم قدرتهم على مقاومة الإدمان، وتأثرهم الشديد بقرنائهم وقابليتهم للوقوع ضحية للاستغلال. الإنسان المتعلم والمتنور قوي الشكيمة يملك قدراً مناسباً من الانفة والإباء والكبرياء حيث لا ينقاد بسهولة, وبخاصة من قبل بعض المتطرفين الساذجين أو المنغمسين بالنعرات، فكلما قوت الإرادة الشخصية كلما أصبح الفرد أكثر اتزانا ومقدرة على مكافحة ما سيؤثر عليه سلباً ويحرمه من عيش حياة إنسانية مُجزية. يعاني كثير من المتطرفين والمغالين, وبخاصة من ينغمسون «بإرادتهم» في الافراط العاطفي السلبي من اضطرابات نفسية مختلفة ويحاول بعضهم تعويض معاناتهم النفسية السابقة مع أنفسهم أو مع الآخرين حولهم بامتطاء صهوة الغلو والتشدد، فالمتطرف لا يسقط من السماء, بل «يتبرعم» وسط ظروف خاصة مثل التفكك الأسري، وضعف المهارات الاجتماعية والانطواء السلبي والانغماس في التقوقع الفكري الضيق…فلا يُغالي ويتطرف سوى من فقد صلته بالعالم الحقيقي وضعفت إرادته وأمتطى صهوة الخيالات المشوهة وانفصل عن الواقع.
تعليقات