المضحك في 'اورلاندو' أن التنديدات صدرت عن دول تلعب دور الممثل الرسمي الدولي لخط التشدد عالمياً.. برأي حسن عباس

زاوية الكتاب

كتب 653 مشاهدات 0

د. حسن عباس

الراي

غزوة متين على المثليين

د. حسن عبدالله عباس

 

الغريب في حادثة اورلاندو التي ارتكبها متين، الاميركي من اصل افغاني، ضد المثليين في مرقص Pulse، ليس كونها الأكبر بعد أحداث سبتمبر العام 2001، بل إن الرئيس الأميركي باراك اوباما أحال السبب على التشدد الديني.

قبل أن نتحدث ونُكمل الكلام عن متين وحادثة المرقص، لا بأس لو علقت سريعاً على المحورين في المنطقة، السلام والمقاومة، لأن الموضوع مرتبط بهما. نعلم أن بعض الدول العربية هي الممثل الاوضح لمحور السلام، وإيران على النقيض، تُمثل محور المقاومة في الاقليم. ونعلم أيضاً أن محور المقاومة يحاول أن يقوي شبكته في المنطقة بالتحالفات وبايجاد ثغرات ديبلوماسية وحتى اجتماعية للبلدان المحيطة به. فهذه إما أنها حقيقة أو هي التهمة اللصيقة بها، حسب ما يقوله معسكر السلام. أما معسكر السلام، فسلاحه مُختلف ومتشدد. ويكفينا للاشارة لذلك، التصريحات الاستفزازية للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية دونالد ترامب، وأيضا تعليق المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون على الحادثة قبل يومين التي تؤكد هذه الحقيقة، ولا ننسى أنها كانت ايضا وزيرة للخارجية، وبالتالي تصريحاتها نابعة من حقائق وكونها تعي جيداً ما تقول.

بعد هذه الجولة السريعة، نعود إلى متين الذي علّق اوباما بأن تشدده لم يكن لانتمائه للخارج ولـ «داعش»، بل بسبب الإنترنت واطلاعه على المدارس الفكرية المتشددة. ولا ندري إن كان كلام اوباما مبنياً على حقائق استخباراتية أم أنها تخمينات أمنية، إلا أن الصحف الأميركية نشرت قبل يومين نقلاً عن مصدر في مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي اي)، أن صبيحة فجر الاحد نشر متين مبايعته لـ «داعش»، وأنه هدد بالانتقام على صفحته الخاصة في «فيسبوك». وبصراحة لا يهم كثيراً إن كان بايع «داعش» أو تشدد بسبب الإنترنت، يكفينا أنه تحول إلى أصولي راديكالي بسبب الصوت المرتفع للتطرف الديني.

الذي يهمني من هذا الكلام، أنه وبعد الحادثة مباشرة، خرجت تصريحات رسمية تُندد بالحادث وتشجبه، بالضبط كما خرجت تصريحات مماثلة بالشجب والاستنكار للحوادث الشبيهة الماضية كباريس وغيرها. والمضحك في الأمر أن هذه التنديدات صدرت عن دول هي بالاصل تلعب دور الممثل الرسمي الدولي لخط التشدد عالمياً، بما فيها الولايات المتحدة نفسها!

وحتى اوضح أكثر هذه النقطة، يُفرّق الفلاسفة بين القتل وبين المساعدة على القتل. الفيلسوف الشهير James Rachels أقام مقارنة ليوضح الفرق والتشابه بينهما، فضرب مثلاً بين سميث، الذي تعمد وأغرق ابن عمه الطفل حتى لفظ أنفاسه، وبين جون الذي خطّط لذلك، لكنه ترك الطفل تحت الماء يلفظ أنفاسه حينما وجده فاقداً الوعي ولم يُسعفه. ويستنتج Rachels بعد ذلك، بأن العملين متساويان في السوء ويتحملان الاثر الاخلاقي نفسه وأنهما حقيقة لا فرق بينهما (للفلاسفة كلام طويل في هذا المجال).

فلو عدنا إلى حوادث القتل التي يتبناها «داعش» بما فيها نادي المثليين لوجدناها من هذا القبيل. فالدول التي تبنت تقليدياً هذا الخط المتشدد والتي لا تزال تحتضن مدارس فكرية ومؤسسات اجتماعية تمولها، هذه الدول تتحمل المسؤولية عما يجري، واستنكارها وشجبها لا يعفيها من المسؤولية الاخلاقية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك