في ندوة أقامتها معك بعنوان (حكومة الفرصة الأخيرة)

محليات وبرلمان

د. المكيمي: الواقع السياسي في الكويت لا يعي التحديات الإقليمية والدولية المعاصرة .. الدلال: صلاحيات السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الدولة .. الرشيد: من الضرورة أن يبتعد سمو رئيس مجلس الوزراء عن المحاصصات والتوازنات

661 مشاهدات 0


خلال ندوة أقامتها مجموعة العمل الكويتي (معك) تحت عنوان 'حكومة الفرصة الأخيرة' شارك فيها الأمين المساعد للحركة الدستورية الإسلامية محمد الدلال، واستاذة العلوم السياسية بجامعة الكويت د. هيلة المكيمي.


البداية كانت مع د. المكيمي التي أكدت أن الكويت تمر بفترة انتقالية هامة جداً هذه الأيام نظراً لتزامن الجهود الرامية لتشكيل الحكومة الجديدة، مع العديد من التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال قراءة المشهد السياسي بمعزل عما يحدث على الساحتين الإقليمية والدولية، وخصوصاً أن الوعي السياسي والقراءة السليمة لما يحدث على الساحتين من المفترض أن يكون الحافز الأكبر لوضع معايير لاختيار وزراء الحكومة القادمة بناء على التحديات الإقليمية والدولية.
وأشارت إلى أن المنطقة تشهد وضعاً اقتصادياً متردياً بسبب تراجع أسعار النفط وانهيار بعض الاقتصاديات في المنطقة ونموذج دبي الذي أصبح مهدداً، بالإضافة إلى وجود العديد من الملفات الإقليمية المفتوحة والتي لم تحسم بعد مثل الملف النووي الإيراني، والانسحاب الأميركي من العراق، صراع افغانستان وطالبان مع قوات الناتو وأخيراً باكستان والهند.
وتوقعت أن الإدارة الأميركية الجديدة لن تكون ايديولوجية بل برغماتية عملية في تعاطيها مع الملفات المفتوحة على الساحة.وبسبب غياب الرؤية الاستراتيجية لدى الأميركان، طرح الفرنسيون رؤية إقليمية ودولية ظهرت في مشروع ساركوزي «الاتحاد من أجل المتوسط» والذي طرحه في برنامجه الانتخابي والذي يشمل دولاً عربية من الشام وشمال إفريقيا، كما نشطت الدبلوماسية الفرنسية في المنطقة وعقدت العديد من الاتفاقيات لمشاريع نووية، وهذا يعني بصورة أوضح ترجمة «الاتحاد من أجل المتوسط» في صورة مشروعات اقتصادية لديها واقعية. وعلى الجانب الآخر نجد أن مثل هذه الرؤي لا تزال غامضة بالنسبة لدول الخليج.

 

 

وشددت المكيمي على أن القيادة السياسية في الكويت لديها الهاجس الاقتصادي الذي تبلور منذ عامين في دعوة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى عقد مؤتمر اقتصادي على مستوى القادة، وهذا في حد ذاته مؤشر على أن القيادة السياسية لديها قراءة مستقبلية لكل المتغيرات السياسية على الساحتين الإقليمية والدولية وأن النزاع السياسي بين الدول العربية ما هو إلا مضيعة للوقت وبالتالي الأهم هو التحول للربط الاقتصادي البرغماتي والمصالح المشتركة. وبالتالي نجد أن القيادة السياسية لديها رؤية وطموحات ولكن هناك فجوة كبيرة بين رؤية وطموحات القيادة والواقع السياسي الذي يجب أن يترجمها إلى مشاريع على أرض الواقع.
ولفتت إلى أن الخطورة تكمن في أن الواقع السياسي في الكويت لا يعي التحديات الإقليمية والدولية المعاصرة وأكبر دليل على عدم مبالاة الأطراف السياسية بمثل هذه التحديات هو رفضهم تأجيل النزاع والصراع السياسي الأخير لما بعد القمة الاقتصادية، وأعربت عن أملها في أن تكون الحكومة القادمة على مستوى التحديات القادمة وأن تتمتع بالقدرة على ترجمة طموحات القيادة وإجادة التعامل مع الأزمات.

وعزت المكيمي تردي الواقع السياسي الكويتي إلى عنصرين أولهما حكومي يتمثل في تأخر خطط الحكومة وبرامج تنفيذها والخلل الواضح في هيكلة تشكيلتها والذي عادة ما يكون نتيجة المحاصصة البعيدة كل البعد عن الكفاءات من أبناء الوزارة. وأضافت أن الحكومة تستطيع مزج التوازن السياسي مع حكومة التكنوقراط لتلافي التخبط في التشكيلة الحكومية فلا يعقل أن نأتي بشخص من وزارة التربية ونضعه على رأس وزارة الصحة والعكس، وبالتالي فإن الأداء الحكومي يحتاج للكثير من المراجعة وخصوصاً على مستوى الفريق الحكومي القادم.
أما العنصر الثاني فيتعلق بأداء التيارات السياسية والتي مرت بمرحلة نضج سياسي خلال الخمس وزارات الماضية ولكن مازالت تعاني من خلل استيعاب العمل الحكومي وضياع الهوية بين الدخول في الموالاة والمعارضة، واشكاليتها تتمثل في أنها لا تريد ترك مقاعد المعارضة ونفس الوقت تريد المشاركة في الحكومة. كما أن هذه التيارات بدأت في أخذ منحى فردي ولذلك نجد أن نائباً واحداً قادراً على تأزيم الوضع وإلغاء العملية السياسية برمتها. ولذلك نخلص أنه لا يوجد نضج سياسي كاف للتعاطي مع العمل سواء على مستوى الحكومة أو التيارات.
ولفتت إلى أنه في ضوء المعطيات الإقليمية والأزمة الاقتصادية العالمية ومطالبة الأميركان لدول الخليج بمساعدة رسمية تصل إلى 300 مليار دولار، فإننا نحتاج لحكومة تستطيع إدارة الأزمة قبل استفحالها وهذه ليست الفرصة الأخيرة للحكومة فقط ولكن للبرلمان أيضاً، وشددت على أن خطابنا السياسي بعيد كل البعد عن الواقع السياسي ولذلك يجب علينا أن نضع الكثير من الضغوط على الفريق الحكومي القادم حتى يستطيع أن يعبر بالبلاد إلى التنمية ولانريد أن نرى إنهيار كامل في الاقتصاد وانهيار الطبقة الوسطى.

 

وبدوره أكد الأمين المساعد للحركة الدستورية الإسلامية محمد الدلال أن ما يحدث في الساحة السياسيةالكويتية هو جزء من الأزمة السياسية التي يعاني منها الشارع السياسي وما حدث مؤخراً من استقالة حكومة وإعادة تكليف رئيس الحكومة من جديد ثم إرهاصات التشكيل هي أحد مظاهر الأزمة التي نعاني منها.
وأضاف الدلال أن هناك اسباباً عديدة للأزمة، كما تناولها العديد من المراقبين والعاملين في الساحة السياسية، جزء منها مرتبط بالخلافات والصراعات الدائرة في بيت الحكم وانعكاسات ذلك على الشارع السياسي، وجزء متعلق بافتقادنا للإدارة السياسية الرزينة التي تستطيع أن تقود السلطتين التنفيذية أو التشريعية وأزمة تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني والتيارات السياسية عن دورهم في المعارضة السليمة للوصول لنتائج إيجابية.
وتطرق إلى نوعية الحكومة من الناحية الدستورية مشيراً إلى أن النظام السياسي هو من يخلق طبيعة هذه الحكومة وطريقة إدارتها وقدرتها على الإنجاز وأن تسير الأعمال،وكل فقهاء الدستور الكويتي ومنهم خليل عثمان والمرحوم د. عثمان عبد الملك ود. عادل الطبطبائي ود. محمد المقاطع وغيرهم يؤكدون أن طبيعة النظام السياسي طبيعة مزدوجة أي أننا لا نتبنى النظام الرئاسي بحد ذاته ولا نتبنى النظام البرلماني منفصلاً بل هناك نوع من الأزدواج بين النظامين وهذا الازدواج يعطي لرئيس الدولة سمو الأمير صلاحيات واسعة وبالمقابل يعطي للنواب صلاحيات ايضاً وهذا يعتبر نظاماً فريداً ومنذ عام 1945 وله إيجابياته في الواقع السياسي وسلبياته الكثيرة أيضاً التي تتمثل في تداخل الاختصاصات وحرص كل طرف من الأطراف على أخذ صلاحيات أكبر. وهذا ما يسمى في الفقه الدستوري بالنظام المختلط أي أن الحكومة جزء منها يعين تعيين وجزء يأخذ من المنتخبين، وأوضح أن الحكومات الأربع الماضية كان لهم نفس ذات الرئيس الشيخ ناصر المحمد وعمرها الزمني قصير جداً لا يتجاوز من 7 إلى 8 أشهر وشارك فيها حوالي 36 وزيرا والأداء الوزاري متواضع جداً وتم حل مجلس الأمة خلال هذه الفترة مرتين والنتيجة أنه لدينا كم من الأعمال التي لم يتم إنجازها كبير جداً بسبب عدم الاستمرارية، وأشار الدلال إلى أن سبب الإخفاقات التي تعاني منها الحكومات المتعاقبة تتلخص في عدة أمور أولها تداخل الاختصاصات وهي مشكلة كبيرة جداً مرتبطة بالنظام الدستوري والواقع السياسي، فسمو الأمير رئيس الدولة يمارس صلاحياته عن طريق وزرائه ولكن نجد أن جزءاً كبيراً مما يفترض أن يكون ضمن صميم صلاحيات السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الدولة في مناسبات عديدة وهذا لأن السلطة التنفيذية، سواء بإرادتها أو دونها، تنازلت عن الكثير من صلاحياتها لصالح رئيس الدولة، بالإضافة إلى أن هذا نوعاً من تشابك الاختصاصات ووصل أيضاً للسلطة التشريعية حيث قامت بأداء دور الحكومة فعلى سبيل المثال المادة 98 من الدستور تنص على أن تقدم الحكومة والوزراء برامجهم العملية إلى مجلس الأمة ولكن نظراً لتأخر الحكومة عن تقديم البرنامج متذرعة بضيق الوقت جعل السلطة التشريعية في عام 2006 لتقديم أولويات وطنية وتعاقب ذلك في المجالس الأخرى وهذا في حد ذاته من صميم عمل الحكومة ولكن نظراً لتقاعس الحكومة عن القيام بدورها وتقديم خطط تنموية ومشاريع واضحة ومن هنا يتضح أن تداخل الاختصاصات ساهم في إضعاف الحكومة.


وأكد بأن موضوع أزمة الاستجواب التي عانى منها الشارع السياسي كان نتيجة لعدم رغبة السلطة التنفيذية ورئيسها للمواجهة وصعود المنصة والذي يعتبر تراجعاً عن الالتزام بالنصوص الدستورية ولذلك أضيف في وقت سابق لقب سمو على منصب رئيس الوزراء لإضافة نوع من الحصانة غير الموجودة في الدستور لرئيس مجلس الوزراء.
ولفت إلى أن السبب الثاني في اخفاقات الحكومات المتعاقبة هو غياب الأداء المؤسسي للسلطة التنفيذية والمادة 128 تفترض وجود تعاون مشترك وتضامن بين الوزراء كفريق عمل واحد وهذا موضوع نفتقده في أداء السلطة التنفيذية التي تغلب الفردية على أدائها. بالإضافة إلى إختلال البناء الهيكلي والإداري للحكومة ولذلك نجد أن الحكومة تتخذ قرارات أو مراسيم يوقع عليها سمو الأمير وتتراجع عنها مثل مراسيم الجنسية ومرسوم شركة 'أمانة'.
وأضاف أن صدور مرسوم عملية خطيرة لأنه يمر على جهات عديدة وبناء على معلومات دقيقة ولذلك فأن التراجع عنه بسبب ضغوط سياسية أو برلمانية فهو بالتأكيد يعكس خلل في البناء الهيكلي للسلطة.
أما السبب الثالث هو المشكلة الأكبر في الحياة السياسية الحالية ويتمثل في عدم تمتع الحكومة بأغلبية في البرلمان والحكومات المتعاقبة السابقة ممكن أن نطلق عليها حكومات ضياع الفرص لأنه عندما تولى الشيخ ناصر المحمد رئاسة الحكومة كان هناك إجماع على أنه رجل اصلاحي وكانت لديه فرصة لتشكيل أغلبية داخل البرلمان في حكومة 2006 حيث كانت هناك كتل كثيرة داخل البرلمان داعمة له. وفي حكومة 2008 كانت هناك فرصة أخرى ثمينة نظراً لتمثيل كافة التيارات السياسية والكبيرة داخل المجلس. واللجنة التي شكلت في مجلس الوزراء للبرلمان لم تكن فاعلة وبالتالي الوزراء الممثلين للتيارات السياسية لم يكونوا مفعلين مما انعكس سلباً على الأداء في البرلمان. وأوضح أن المادة 56 والمذكرة التفسيرية نصت على ضرورة المشاورات مع رؤساء الجماعات السياسية ورؤساء مجلس الوزراء السابقين في عملية اختيار رئيس الوزراء والوزراء، والسبب الرابع فيتمثل في غياب القرار السياسي المؤسسي الذي يتمتع برؤية مستقبلية، بالإضافة إلى أن ضعف الحكومة يجعلها تتردد في التعامل مع القيم البرلمانية.
وشدد على أن الحكومة القادمة أمام تحد يتمثل في منهجية التشكيل والتعلم من أخطاء الماضي وأن تتحد وتتحالف مع التيارات على برنامج عمل إصلاحي باختصار شديد يجب أن تكون حكومة إنقاذ وطني وإصلاح سياسي.

وفي ختام كلمته أعرب الدلال عن تفاؤله من خلال استقراء التاريخ السياسي للكويت يرى أنه كلما اشتدت الأزمة انفرجت وهناك مؤشرات عديدة تدعو للتفاؤل مثل تجمع الوفاق وجهود جمعية الشفافية وفكرة مؤتمر للتأزر والمؤتمر الوطني يبقي التحدي هو أن تجتمع التيارات وتجنيب الأجندات الخاصة وتغليب المصلحة الوطنية.

أما الأمين العام لمنظمة العمل الكويتي (معك) أنور الرشيد فقد أكد أن عنوان الندوة «حكومة الفرصة الأخيرة» قد تم اختياره بعد مشاورات ووفقاً لإعتبارات عديدة أهمها أن هذه الحكومة تعتبر الخامسة التي يكلف بها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد في غضون عامين فقط، وقد مرت الحكومات الأربع السابقة بالعديد من الأزمات التي استدعت أن نتوقف عندها بالنقد والتحليل، وأعرب الرشيد عن أمله في أن تكون الحكومة القادمة قادرة على التعامل مع البرلمان ومواجهة الأزمات وحلها بالأسلوب الأمثل من أجل تسيير عجلة التنمية في البلد.
ولفت إلى أهمية أن يتم اختيار عناصر الحكومة الجديدة وفق معايير التكنوقراط وضرورة أن يبتعد سمو رئيس مجلس الوزراء عن المحاصصات والتوازنات وهذا أمر ليس باليسير إلا أنه لا مجال لتكرار أخطاء الماضي.

 

الآن - محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك