انتهت سايكس- بيكو.. بقلم وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 657 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة -انتهت سايكس – بيكو

وليد الرجيب

 

انتهت يوم الإثنين 16 مايو الجاري، معاهدة سايكس – بيكو، بعد مرور مئة عام على ابرامها بين بريطانيا ممثلة بالسير مارك سايكس وفرنسا ممثلة بجورج بيكو، وقد كانت هذه الاتفاقية التي سميت باسم اتفاق آسيا الصغرى سرية، بين فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية، وتهدف إلى اقتسام مناطق الدولة العثمانية، حيث أبرمت في مايو 1916.

وتم الاتفاق على أن تسيطر فرنسا على سورية ولبنان وكيليكيا التركية، وتسيطر بريطانيا على فلسطين والأردن والمناطق المحيطة في أنحاء الخليج العربي والعراق، بحيث تكون الدولتان مسيطرتين على هذه المناطق حكومياً وإدارياً.

ورغم أن الاتفاق اتخذ شكل الحماية بما فيها حماية الأقليات الدينية والعرقية، إلا أنها في الواقع كانت تحقيقاً لطموحات الشركات الاحتكارية الرأسمالية، في اقتسام وإعادة اقتسام مناطق النفوذ في العالم، ولذا حوت الاتفاقية على السيطرة وإنشاء موانئ، لتسهيل الملاحة الخاصة بالبضائع البريطانية، وإنشاء سكك حديدية تربط بين هذه المناطق العربية، لتسهيل نقل الجنود والبضائع الفرنسية والبريطانية، ويكون الخط الرئيسي لهذه السكك بين بغداد وحيفا عبر البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى أوروبا، على ألا تتعدى دولة على حقوق الدولة الأخرى، ولا تسمحان لدولة ثالثة أن تمتلك أقطاراً في شبه الجزيرة العربية، أو تنشئ قاعدة بحرية على ساحل البحر المتوسط الشرقي، خلال مدة هذه الاتفاقية التي تكون صالحة لمدة مئة عام.

 

وبالطبع جرت خلال القرن الماضي انتفاضات في الدول العربية المقسمة، لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي فيها، أسفرت عن جلاء القوات البريطانية والفرنسية عن أراضيها، وحصلت الدول العربية على استقلال يرى البعض أنه صوري وهش.

وقيل ان البناء الجيوسياسي الذي أسسه اتفاق سايكس - بيكو، اختفى في يوليو 2014، ومعه الحماية النسبية التي تتمتع بها الأقليات الدينية والعرقية، بعد سيطرة الدولة الإسلامية في الشام والعراق.

وعملياً تمت إعادة اقتسام النفوذ في هذه المنطقة، ودخل نفوذ الأميركان ضمن المعادلة القديمة، ووضع مخطط تقسيمي جديد هو مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يرمي إلى تقسيم المقسم، على أسس طائفية وعرقية، وهو المشروع الجاري حالياً، ودخل لاعب امبريالي جديد هو روسيا الاتحادية، فلم تعد الدول الرأسمالية وشركاتها احتكارية فقط، ولكنها انتقلت إلى مرحلة جديدة هي الرأسمالية المعولمة، وسياستها الاقتصادية النيوليبرالية، ذات الأسواق المفتوحة على مصراعيها.وتعتبر هذه الاتفاقية نقطة تحول في العلاقات الغربية-العربية، فعملياً لم تتحرر البلدان العربية من التبعية للأجنبي، بل تحول شكل هذه التبعية، إلى أسوأ من التبعية للاستعمار الكولنيالي، وإلى هيمنة كاملة على ثروات الشعوب، من خلال الانتقاص من حقوقها الاقتصادية الاجتماعية، بمساندة الأنظمة وبأدوات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك