‎خطوات على طريق الإصلاح .. يكتب عبدالعزيز الفيلكاوي

زاوية الكتاب

كتب 1417 مشاهدات 0


‎خطوات على طريق الإصلاح

عبدالعزيز الفيلكاوي

خاطب سيدنا شعيب عليه السلام قومه ودعاهم لعبادة الله والإيمان به ودعاهم لإصلاح أحوالهم إلى ما ينفعهم في دينهم ( آخرتهم ) ودنياهم فالإصلاح مبدأ متأصل بعث الله به جميع الرسل عليهم السلام والآية الدالة على ذلك من كتاب الله في سورة هود حيث
قال تعالى : ' قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ '

نحن كأمة إسلامية وعربية نمتلك مقومات ومؤهلات تساعدنا على الإنتقال من مصاف الدول النامية إلى المتقدمة ونحقق لشعوبنا وأجيالنا حياة كريمة ومستقبل آمن ، وأستعرض هنا بعض النقاط التى قد تكون خطوات على طريق الإصلاح .

أولاً : إحترام إرادة الأمة .

من خلال المشاركة السياسية الفاعلة و الإنتخابات الحرة النزيهة ، وقد أمر الله الحاكمين بذلك فقال : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ) آل عمران - وأثنى به على المؤمنين خيراً فقال ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) الشورى .
وهي من أساسيات الحكم الرشيد ولا يستقيم أمره بدونها ، ومن أشكال تطبيق ذلك ما نُقل إلينا من الغرب وهو ما يسمى بالبرلمان الذي من خلاله يتم إنتقاء النخبة (بمواصفات محددة) من الشعب لتباشر المحاسبة والمراقبة الشعبية على الحكومة ، للمساعدة على تصحيح المسار .

و يجب أن لا يبقى القرار السياسي مُحتكر بيد لون واحد ، يجب أن تشارك جميع فئات المجتمع فيه .

ثانياً : التداول السلمي للسلطة.

شرح الدكتور ناظم الجاسور في موسوعة المصطلحات السياسية
هذه المسألة التي تعتمد على طبيعة النظام القائم فالأنظمة الملكية تداول السلطة فيها يكون في إطار العائلة الحاكمة وهو ما يسمى بالتوريث ، وقد تنص دساتير تلك الأنظمة على ذلك لتعطي الشرعية للحكم ، وهناك تداول يكون عن طريق الإنقلاب العسكري وهذا النوع من التداول للسلطة حصل في عالمنا العربي وأفريقيا ، وهناك الأنظمة الجمهورية والتي يكون فيها الحاكم منتخب بشكل صوري فهو غالباً يحصل على 100% ، في كل الأحوال ما يميز الأنظمة الديمقراطية عن غيرها هو كيفية الوصول للسلطة والتي تجعل الحكام مسؤولين عن أفعالهم .

ثالثاً : التنمية الإقتصادية  .

الحديث عن هذا الموضوع يثير الشجون والحسرة والألم ، ففي الوقت الذي توفرت فيه فوائض مالية ضخمة من الإيرادات النفطية نجد بعض الشعوب تعاني من البطالة والفقر وتدني مستوى الدخل وهذا يدل على عدم التكامل بين الدول العربية بالرغم من وجود تجارب ناجحة مثل الصندوق الكويتي للتنمية الذي يقوم بإغراض الدول العربية بأرباح منخفضة لإنشاء مشاريع تنموية في بلدانهم مما يعود بالنفع على شعوبهم ، لكن تبقى بشكل عام المشكلات الإقتصادية لا تجد حلولاً إلا حلولاً ترقيعية أو مؤقتة وعشوائية ليست مدروسة ولا مخطط لها ، مع أننا نملك من العقول والإمكانيات ما يزيل تلك المشكلات أو يخففها ولكن لا توجد إرادة حقيقية لإنهاء المعاناة ، كما أن الفساد المالي وغياب المحاسبة والشفافية  ونهب الممتلكات العامة أزمة تعاني منها العديد من الدول ، ولا ننكر أن هناك محاولات جيدة وخطط إستراتيجية لتقوية الإقتصاد لبعض الدول إلا أنها تبقى حالات فردية ليست عامة نتمنى أن تنتشر مثل خطة المملكة العربية السعودية 2030 .

رابعاً : التقدم العلمي والتكنولوجي .

العلم سلاح به تحصن الأمة نفسها وبه تتقدم بين الأمم ، بالتالي يجب تكثيف الإهتمام بإقامة مراكز الدراسات والتوسع في الأبحاث العلمية  والصرف عليها في كل بلد عربي ويجب أن يتم تخصيص جزء من الميزانيات السنوية لذلك ، إن الإهتمام بالعلم والتنمية البشرية هو من وضع اليابان في صدارة الدول الصناعية المتقدمة ، لدينا من العلماء ما لا يحصى ولكن يعيش معظمهم لدى الغرب لأنهم لم يجدوا تقدير لعلمهم في دولهم .
وحسب د.محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية الإستراتيجية الذي نقل في مقال له في ديسمبر 2014 ما سجله تقرير اليونسكو لعام 2008 عن البحث العلمي ، فقارن بين ما تُنفقه الدول العربية مجتمعة من الناتج القومي على البحث العلمي ( 0.2% ) وما ينفقه الكيان الصهيوني ( 4.7 ) وما تنفقه الولايات المتحدة ( 2.7 ) والمانيا ( 2.6 ) كما ظهر في التقرير أن براءات الإختراع الصهيونية بلغت 1166 و العرب مجتمعين 836 ، إذاً نحتاج إلى الإهتمام بالعلم والعلماء .

خامساً :حرية التعبير عن الآراء .

 إن من أسباب إثارة التوتر والقلق وعرقلة الإصلاح والتقدم هو إقصاء الشعوب وزج مئات بل آلاف منهم في السجون (سجناء الرأي) وإنتهاك حقوقهم القانونية وتلفيق الإتهامات لهم ، وهذا ملف قديم حديث مازال مفتوحاً وينتظر إغلاقه إلى الأبد ،فيجب أن تعمل الحكومات على إتاحة الفرصة لحرية التعبير وتحفظ للناس حقوقهم كاملة وهذا من أهم أسباب تماسك المجتمع وقوته ، وقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ١٩٤٨/١٢/١٠ مادة رقم ١٩ النص التالي : ' لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ' والاعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة تبنتها الأمم المتحدة ونالت موقع هام في القانون الدولي .

إن الحرية في ديننا واسعة مع ذلك منضبطة وليست مطلقة وهناك حدود لها فلا تسمح عقيدتنا بالمس بالأنبياء أو الإستهزاء بالدين .

هذه لمحة سريعة وخطوات الإصلاح متعددة ومتنوعة
 
الآن: رأي- عبدالعزيز الفيلكاوي

تعليقات

اكتب تعليقك