سن القوانين لن يكون حلاً جذرياً للمشكلة .. يعقوب الشراح متحدثا عن إنتشار الجريمة

زاوية الكتاب

كتب 555 مشاهدات 0

د. يعقوب الشراح

الراي

صدى الكلمة-

أكثر من جريمتين كل ساعة

د. يعقوب الشراح

لا شك أن المجتمعات منذ الأزل تعانى أنتشار الجرائم على الرغم من تباينها في النوع والحجم، وفي تداعياتها الآنية والبعيدة المدى. فالجرائم تزداد في البيئة الصناعية، وفي المدن مقارنة بالأرياف، وتكثر لدى العزاب والمطلقين، وتمارسها الغالبية العظمى من الشباب، كما تسود في البيئات الفقيرة حيث الجهل والأمية.

والجريمة في القانون، انحراف سلوكي وخروج عن القيم والأعراف، وهي جناية لها مخاطرها على الناس والدولة... نقول ذلك ونحن نعيش عالم الجريمة المنظمة، التي مهما حاولنا مواجهتها فإنها تظل مرتفعة الوتيرة رغم محاولات الحد منها واستنفاد طاقة رجال الامن في الوقاية منها... والناس يساورها الخوف من الجريمة وينتابها الهلع عند سماعها أو رؤيتها لجريمة، فتقشعر أبدانهم وتحزن على الحالة التي وصل إليها الإنسان.

ومع أن الجرائم مختلفة من حيث الدرجة والخطورة، إلا أن الناس اعتادت على رفض أي جريمة مهما كانت بسيطة، كالسب أو التحرش الجنسي مثلاً، والتي تختلف طبعاً عن جرائم، كالقتل والزنا والتجسس على الدولة لمصلحة العدو. ان التباين في الجرائم من حيث خطورتها لا يعني التهاون في الأسباب التي تؤدي إليها، حتى لو كانت جرائم جنح بسيطة.

ونتساءل مثل غيرنا، لماذا نعاني من كثرة الجرائم في بلد صغير في سكانه وجغرافيته، خصوصاً ان مصادر الجرائم معروفة، ويسهل الوصول إليها والقضاء على منابعها؟ لقد تعودنا ان نعالج مشكلات الجرائم، ونهرول باحثين عن خيوطها بعد وقوعها، بينما يفترض وضع خطط الوقاية وتطبيقها في شكل نظام مستمر، وكمكون أساسي من مكونات الأمن العام. ان استقراء واقع الجريمة في الكويت، ومن الدراسات يبين ان الوافدين يشكلون النسبة الأكبر في قضايا الجنايات بنسبة (70.2 في المئة) مقابل 29.8 في المئة للمواطنين في الفترة بين 2005 - 2009. كذلك يشكل الوافدون النسبة الأكبر في المخالفات التجارية بنسبة 89.7 في المئة مقابل 10.3 في المئة للمواطنين. وهذا يعني ان العمالة الوافدة التي تأتي من بيئات اجتماعية واقتصادية فقيرة وغير متعلمة في الغالب، كالعمالة الهامشية، هي التي تساهم في ارتفاع معدلات الجريمة.

كما أن الجرائم الأخرى كالسرقة بالإكراه، والسلب بالقوة، والمشاجرات الدامية، والدعارة، وتعاطي المخدرات والمسكرات، وغيرها تشكل تهديداً سافراً لأمن البلاد. أما من حيث الإحصاءات عن هذه الجرائم ورغم تباين دلالاتها، إلا أن الأرقام في عام 2012 تشير إلى أن 15 ألف جريمة متنوعة حدثت خلال تسعة اشهرفقط! واذا كانت أسباب هذه الجرائم متعددة، ولا تتوقف على عامل محدد أو جهة واحدة دون الأخرى، فان المطلوب من الأجهزة الأمنية أن تستمر وبكل قوة في الرقابة والمتابعة، وتعمل بخطط أمنية حازمة للحد من مظاهر الجريمة.

فمثلما يقع العبء الأمني على الحكومة، كذلك يقع على الأسرة والمؤسسة الدينية والتربوية والإعلامية والتي لها أدوار مهمة من حيث التوعية بمخاطر سلوك الانحراف. ولأن الانحراف السلوكي أساسه ضعف التعليم والتربية وسلبية الأسرة والمؤسسات الأخرى السياسية والدينية والاجتماعية، فإن الاعتماد على مجرد سن القوانين لن يكون حلاً جذرياً للمشكلة من دون التنفيذ والتوافق بين القانون والعوامل الاجتماعية والتربوية والأمنية، والتي بلا شك تحد من الجرائم ولا نقول القضاء عليها كاملاً.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك