أشد الناس قلقا علي مستقبل الحركة الصهيونية هم قادتها.. برأي خالد السعد
زاوية الكتابكتب إبريل 21, 2016, 12:23 ص 996 مشاهدات 0
السياسة
من وحي الناس- هل يعي “نتنياهو” دروس التاريخ”؟
خالد عبدالعزيز السعد
أشد الناس قلقا على مستقبل الحركة الصهيونية هم قادة الصهيونية انفسهم وعلى رأسهم نتنياهو الذي كان خطابه في مؤتمر هرتزليا بليغا وفصيحا وواضحا في التعبير عن ذلك القلق، والارق والهم الكبير الذي يساوره حيث كرس معظم خطابه عن مخاطر ذلك الانهيار القومي في اسرائيل، فبرغم ان اسرائيل استطاعت ان تتحول الى قوة اقليمية عظمى تكنولوجيا، واقتصاديا كما قلنا في مقال سابق وهي ايضا قادرة على استيراد مليون يهودي اضافي اليها، وفي المقابل فان هناك سبعين الف فلسطيني مدرجين على قائمة الترانسفير واحلال المستوطن مكان المواطن والطارئ مكان الجذري حتى اذا ما فشل العالم المتمدن الذي يزهو بلوائح الحقوق والانسانيات وبكل ما لديه ممن قوانين واعراف وروادع اخلاقية في ايقاف هذا النزيف فان ما تبقى هو الخيار التاريخي الخالد الذي يتفوق على الستراتيجية والتكيتك معا، وهو التشبث بالارض، والمقاومة التي هي حق طبيعي والهي وانساني وحيواني ايضا فما من حشرة او طائر او زاحف لا يصد الغزاة عن الجحر والعش فاي سجال حول ثنائية الاحتلال والتصدي له هو عقيم في النهاية لان بديهيات الطبيعة والغرائز والفطرة البشرية تتجاوز هذا السجال، حتى وان بلغ السعار الصهيوني في عز ظهيرة التاريخ، فالقضية الاولى التي تواجه الدولة الصهيونية تتمثل في تحول اسرائيل الى نظام شبيه بجنوب افريقيا بفعل اصرارها على مواصلة السيطرة على قطاعات واسعة من فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة عام 1967 واذا اضيف الى هؤلاء فلسطينيو 1948 المقيمون داخل حدود اسرائيل الحالية فستكتمل الصورة لجنوب افريقيا العنصرية الجديدة وربما بدء البذل المستحيل من قبل الصهاينة لتجنب هذا المصير الديمغرافي السياسي من خلال الترانسفير بالقوة او عبر اجراءات اقتصادية وامنية وعسكرية تسفر عن النتيجة نفسها لكن حتى هذا لن يبدل من الامر شيئا لان العامل الديمغرافي الفلسطيني سيبقى سيفا مصلتاً على رأسها مهما فعلت.
القضية الثانية: امنية، فقد تمكنت اسرائيل من تحقيق الانتقال من مجتمع زراعي صناعي تقليدي الى مجتمع تكنولوجي متطور رغم سلسلة الحروب المتصلة التي خاضتها ضد العرب لكن الصحيح ايضا ان عصر العولمة الجديد يختلف عن العصر الامبريالي القديم من حيث عدم قدرته على الاستثمار في بيئة مضطربة امنيا يضاف الىذلك عنصر ثالث لا يقل اهمية وهو طبيعة الحرب قد تغيرت، ففي السابق كان في وسع اسرائيل شن حروب استباقية او هجومية من دون ان تخشى اي تهديد لجبتها الداخلية اما الان فالامر مختلف تماما والعنصر الادهى على نتنياهو والاخطر على اسرائيل هو ان الوجود لا يعتمد على انظمة الاسلحة وقوة الاقتصاد والقدرة على الابداع بل اولا واساسا يعتمد على المشاعر القومية التي ينقلها الاباء الى الابناء ومن خلال النظام التعليمي والثقافة والرموز الثقافة وعلى الارتباط بالارض، لهذا يشعر نتنياهو بان الايدولوجية الصهيونية في حالة تفكك واختضار لهذا يحاول نتنياهو البرغماتي والرأسمالي والذي لم يعرف عنه البته التنظير الايدولوجي ينغمس في لجج من الاحاديث العميقة عن ضرورة انقاذ المثل العليا الثقافية الصهيونية بهدف منع الجيل الاسرائيلي الجديد من اتخاذ نيويورك بدلا من المستوطنات كنموذج افضل للحياة فشملت اقتراحاته ترميم وابراز كل المواقع الاثرية والتاريخية التي وردت في التوارة والتلمود وادخال الزيارات الدائمة لطلاب المدارس لهذه المواقع وجعلها في صلب المناهج الدراسية، وما التهويد الذي افعلته زعيم الليكود في القدس والاماكن الاسلامية المقدسة الا جزءا ومن هذا الجهد لتجديد العصب الصهيوني وحتى هذه الخطوات ليست محل اطمئنانه المريح والواثق لهذا، ففكرة الحرب وجر اميركا اليها هي الفكرة الطاغية التي تشغله في كل لحظة لاعادة اللحمة الى النسيج الثقافي والايدولوجي الصهيوني.
لكن مثل هذه الحرب هل هي مضمونة النتائج ام ان ارباحها اكبر من خسائرها وهذا ما يؤرقه ويحيره فالحرب هذه المرة مختلفة وقد تمزق النسيج بدل حياكته من جديد بسبب ما وصفته ارملة الجنرال موشى ديان من تعب الاسرائيليين من خوض حروب لا نهاية لها ومع ذلك ربما يكون نتنياهو مقتنعا بان الحرب هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لوقف الانحدار في المجتمع الصهيوني واذا ما حول اقتناعه النظري الى ممارسة عملية فتتأكد الحقيقة باستحالة تحويل الاسطورة التاريخية الى حقيقة وان انتقام التاريخ والجغرافيا سيتكرر بحذافيره كما كان في الحروب الصليبية وكأن شيئا لم يتغير منذ 700 عام فهل يعي ذلك هذا الصهيوني المتطرف؟
تعليقات