عبد الله العدواني يكتب عن الفصيح المسرور الذي أصبح عضوا في الشورى
زاوية الكتابكتب إبريل 12, 2016, 11:51 م 582 مشاهدات 0
الأنباء
دلو صباحي- «فصيح أب ديت» !!
عبدالله العدواني
بينما كنت جالسا وحيدا في الديوانية أعبث في هاتفي النقال وأستمتع بالتكنولوجيا الحديثة وأتابع رسائل الواتساب والماسنجر وأضع البوستات المتنوعة على الفيسبوك وأغرد عبر تويتر إذا بي أسمع صوت أجراس في الخارج وصوتا لخطوات أحصنة أعادتني إلى عصر ألف ليلة وليلة وعصر جحا ونوادره.. فقررت الخروج لأطالع ما يحدث في الخارج.
وقبل أن أخرج سمعت صوتا أجش بالخارج فخرجت مسرعا لأنظر فإذا به العم فصيح الصريح الذي غاب عنا لسنوات مضت لم نسمع عنه شيئا ولا عن نوادره وبلدته البعيدة القريبة وعصره المختلف القديم الحديث.. وجدته يهبط من عربة بأربعة أحصنة فاخرة ذكرتني بالحكايات القديمة وعصور ما قبل الحداثة.
رحبت بالعم فصيح الذي أخذني بالأحضان وما بين حب الخشوم والسلامات والتحيات والسؤال عن الأهل والأحوال أجلست العم فصيح الصريح بجواري وطلبت له الشاي والقهوة العربية والبخور والعطر.. وأمرت بإعداد طاولة طعام معتبرة تليق بالضيف الذي بدت عليه مظاهر الثراء بداية من العربة الى الروائح المنبعثة منه والثوب المطرز.. بعد أن كان يأتينا على حماره الضعيف أشعث أغبر.. فسبحان مبدل الأحوال.
سألت فصيح: اين كنت؟ وكيف أصبحت؟ ومن أين لك بهذا الثراء؟ وكيف حال بلدتكم العتيقة؟ وسألته عن الخدمات وكيف اصبحت وما آلت إليه أوضاع المواطن البسيط وكيف هم التجار الجشعون والأهل المظلومون.
وكالعادة اعتدل فصيح في جلسته وأخذ يعبث بالسبحة في قبضته.. وتنهد وقال.. كما تعلم يا بوعبدالرحمن بلدتنا صغيرة وقبل فترة ليست بالقصيرة ولا الطويلة حان موعد الانتخاب لأعضاء مجلس الشورى، وبعد المشورة وإلحاح الأهل والأحباب من طبقتي المتواضعة الفقيرة رشحت نفسي بعد أن وعدت وعودا وأبرمت اتفاقيات وعهودا وقلت سأدافع عن الفقير واكون نصيرا للمسكين.
واعتدل فصيح وقال.. فزت باكتساح وأصبحت زعيما للمعارضين بإلحاح، وكبير الأعضاء في الشورى عموما من أصل عشرين عضوا وتوكلنا على الباري وبدأنا نطالب ونغالي، ونصر ونعترض، ونشجب وننتفض.. إلى أن حان الحين وتقربت من دائرة الحكم والحنين.
سألته: وماذا يا هذا؟! أراك تعتدل وتعدل ثيابك وتبتسم.
فقال فصيح أصبحت من المقربين، وامتلكت العربة المشابهة لما تطلقون عليها (بي أم) ولكنها من عصرنا، واعتمد علي الوزير لأكون مقربا لوجهات النظر وفاضحا لمن اعترض ولم يعتبر، فكنت ابعث إلى كل عضو عصفورا يوضح له الأمور، ويرشده كيف يكون دوره في الجلسة المقبلة وماذا سيفعل ويقول ويرد وينصح.. وفي الآخر بما يصوت وماذا يفعل.
وضحك فصيح بصوت عال.. ولأنني مدير للعصافير.. حصلت على البساتين والقصور.. والعربة والبخور.. وأطلقوا علي صفة المسرور.. (فصيح اب ديت).
سألت فصيح.. وماذا عن وعودك للبائسين المحتاجين يا مسرور المسرورين.
توجه بحديثه الي غاضبا مستنكرا.. يا بني أنت مسكين.. للكرسي حلاوة وغلاوة، أي وعود وأي بطيخ، فلتكن عقلانيا وعصريا في تفكيرك.. أأترك القصور وأنظر للبائس المغمور، فما الذي سأستفيده.. وماذا أجني من المساكين.. لقد كنت ادخل دار الندوة فلا يعيرني احد اهتماما أما اليوم فأنا أكبرها وأثمنها.. الكل ينتفض حين يراني ويتمنى مني ابتسامة.. فانظر ماذا جلبت عندما كنت صادقا وأين وصلت بعدما أصبحت منافقا.
ولم يعرني فصيح المسرور اهتماما وخرج من دون سلام فاستقل عربته وأمر السائق بالعودة إلى حيث اللا زمان واللا مكان وكأنما كنت أحلم.. فسألت نفسي.. هل ممكن أن يحدث هذا عندنا ويكون لدينا نماذج على شاكلة «مسرور»؟
عدت إلى هاتفي وكتبت خاطرة وزعتها على وسائل التواصل الاجتماعي قاطبة قلت فيها.. اللهم لا تجعل بيننا «مسرور»
تعليقات