عاد الحجاج والسائحون و'الكشاتة'، فهل تعود الحكومة؟
محليات وبرلمانغيابها عن الجلسة القادمة يعني 'طلاقا بائنا' لعلاقتها بالمجلس
ديسمبر 14, 2008, منتصف الليل 465 مشاهدات 0
بعد إجازة عيد الأضحى المبارك وعودة الحكومة وأعضاء المجلس من الاصطياف الذي أخذهم من لندن مرورا بسويسرا والشاليهات والمخيمات، إلى حج بيت الله الحرام الذي أداه بعض أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، يتساءل الشارع الكويتي اليوم: وماذا بعد؟
المشهد الحالي:
تقدمت الحكومة باستقالتها بعد انسحابها الشهير والمفاجئ من جلسة استجواب رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح يوم 25/11 الماضي، وقد سببت الحكومة باستقالتها في بيان هجومي على مجلس الأمة محملة إياه ما وصلت إليه العلاقة من طريق مسدود بين السلطتين. للمزيد أنظر:
http://alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=23668&cid=29
وقد رأى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح –حفظه الله ورعاه- أن يرجئ البت باستقالة الحكومة إلى ما بعد إجازة العيد. وها قد انتهت إجازة العيد والمراقبون يطرحون الاحتمالات المنتظرة.
من جهته، وجه رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الدعوة لحضور جلسة السادس عشر من هذا الشهر (الثلاثاء القادم) بنفس جدول أعمال الجلسة الماضية التي انسحبت منها الحكومة، أي أن الاستجواب هو البند الأول على جدول الأعمال فهل تحضر الحكومة أم يعلن قبول استقالتها؟ وفي حال حضورها، هل يناقش الاستجواب؟ وماذا عن غيابها وعدم البت في استقالتها؟
المتابعون للمشهد يتوقعون السيناريوهات التالية التي رصدناها دون استثناء نظريا، أي أن البعض قد لا يرى إمكانية لحدوث بعضها، ولكننا نسجل ما هو ممكن منها وإن كان نظريا فقط مع استحالته عمليا:
1. قبول استقالة الحكومة وتكليف الشيخ ناصر المحمد بإعادة تشكيلها، وهذا احتمال سيكون له قبول ورفض، فمن مطالب برئيس وزراء يقبل المسائلة، إلى رافض لعودة الشيخ ناصر كرئيس للوزراء من حيث المبدأ على اعتبار أنه قد أصدرت حكومته الحالية بيانا عنيفا عقب استقالتها حملت فيه المجلس وزر المشاكل كلها وهو بيان اعتبره المراقبون بمثابة إعلان عدم تعاون سياسي، ومن غير المعقول ان يكون ذلك البيان قد صدر دون موافقة الشيخ ناصر، فكيف يعود لرئاسة حكومة ستتعامل مع نفس المجلس ونفس الأعضاء؟ وسيستقوي من أعلنوا رفضهم لعودة الشيخ ناصر المحمد رئيسا للحكومة الحالية بعد الانتخابات الماضية مثل النواب أحمد المليفي ووليد الطبطبائي. لكن بعض النواب سوف يطالبون بالتريث، وسيقولون: فلنعط الشيخ ناصر الفرصة أملا في أن تكون التشكيلة القادمة مختلفة كليا عما هي عليه حاليا.
2. أن تحضر الحكومة الجلسة وتطلب تأجيل الاستجواب، وهنا قد تعطى أسبوعين لمزيد من التشاور حول ما يجب أن يؤول إليه مصيرها.
3. أن تحضر الحكومة الجلسة وتعترض على الاستجواب وتطالب بإحالته إلى المحكمة الدستورية، وهي مسألة أيضا ستعطي المزيد من الوقت لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين السلطتين. وهذا يعني انتظار رأي المحكمة الدستورية، الذي إن أتى في صالح الحكومة تكون قد سجلت انتصارا معنويا، وتكون قد أحرجت المستجوبين لرئيس الحكومة الذين سيتولى بعض زملائهم الهجوم عليهم بسبب استجوابهم الذي أصبح غير دستوري بحكم من المحكمة الدستورية. وإن جاء الاستجواب دستوريا فساعتها تكون المهلة المطلوبة 'للتشاور' قد أخذت مداها، وعندها 'يحلها الحلاّل'.
4. أن تحضر الحكومة الجلسة القادمة موعزة لبعض أعضائها بإثارة شغب في الجلسة يعترض على تقديم بند الاستجواب على اعتبار أن الحكومة مستقيلة وبأن استجواب رئيسها قبل البت في استقالته وحكومتة من قبل أبو السلطات جميعا- سمو الأمير حفظه الله- يعد منافيا للمنطق والتعاون وتصعيد مستمر وغير مبرر من قبل الأعضاء المستجوبين. وإن كان مثل هذا السيناريو غير منطقي، ولكنه يندرج ضمن مسيرة من غياب المنطق والعقلانية في تصرفات الحكومة وبعض أعضاء المجلس في العلاقة بينهما، وطرحه ضمن هذه التوقعات لإدخال البلاد في حالة من الفوضى التشريعية والفراغ الدستوري مما يعزز معسكر المطالبة بالانقلاب على الدستور.
5. ألا تحضر الحكومة جلسة الثلاثاء القادم، وعندها تكون الحكومة قد أعلنت 'طلاقا بائنا' للعلاقة مع هذا المجلس، وبالتالي فإن المجلس سيرى في غيابها عن الجلسة بعد انسحابها الغريب في الجلسة الماضية التي سبقت العيد إعلان عدم تعاون يرقى إلى 'إهانة' المجلس والسلطة التشريعية برمتها، وبالتالي فإن تواقيع سوف تجمع في قاعة المجلس للأعضاء بتفعيل المادة 102 من الدستور لرفع الأمر دستوريا إلى صاحب الأمر- سمو أمير البلاد (حفظه الله ورعاه). وسوف يحرص جامعو التواقيع على أن يكون الموقف معلنا لكافة الأعضاء لإحراج من قد يتردد منهم في إعلان عدم التعاون مع حكومة ترفض حضور جلسات المجلس.
من يمسك زمام المبادرة؟
طرحنا في هذا التحليل ما يمكن أن يحدث على الساحة السياسية من خيارات معقولة وأخرى بعيدة الاحتمال، ومعروف أن العلاقة بين السطتين ليست بأحسن مما كانت عليه قبل الجلسة الماضية، وخصوصا في ضوء تساؤلات نيابية حول صفقة 'داوكميكالز' وضغوطا قوية على المواصلات لوقف التنافس بين شركات الاتصالات بما يخدم كبار الملاك في هذه الشركات وبما لا يخفض تعرفة الاتصالات لصالح المواطن-المستهلك.
والمؤكد أن الغلبة في توجيه السيناريوهات المحتملة سيكون في أخذ زمام المبادرة، فالكتلة البرلمانية- أو حتى النواب المستقلين- الذين يتابعون تطورات الموقف أولا بأول، ويحددون مواقفهم قبل غيرهم، هم الذين سيقودون دفة الاحتمالات، وهم الذين سيسيطرون على زمام المبادرة، وهم الذين سيحددون مواقف المترددين على ضوء مواقفهم. الوقت في غير صالح المترددين، وهو لمن يتابع الموقف، ويرصد التطورات، ويحدد موقفه قبل الآخرين، ...
الأزمة صعبة، والأصعب هو التردد، ولا مكان فيها للمترددين...
تعليقات