تركيا بوجهة نظر عبدالعزيز الفضلي تدفع ثمن مبادئها وأخلاقياتها
زاوية الكتابكتب مارس 16, 2016, منتصف الليل 476 مشاهدات 0
تركيا وثمن المبادئ
عبدالعزيز الفضلي
كل صاحب مبدأ يقف مع الحق - سواء اكان فردا أو جماعة أو دولة - لا بد وأن يُدرك أنه سيدفع ثمن تلك الوقفة لا محالة، وبأنه سيكون بين خيارين، إما الثبات على مبدئه وتحمل التبعات، أو التخلي عن تلك الثوابت من أجل الراحة والسلامة.
وغالبا ما يثبت أصحاب العزائم على مبادئهم وأخلاقياتهم حتى ولو كان الثمن أرواحهم.
على مستوى الأفراد، نتذكر سيد قطب رحمه الله، الذي طالب بأن تكون الحاكمية لله، وظل ثابتا على مبدئه حتى في آخر اللحظات من حياته قبل أن يُعلّق على المشنقة، ويُذكر بأنه قيل له: اكتب كتاب استرحام لعبدالناصر حتى يعفو عنك، فكان الرد الصاعق «إن إصبع السبابة الذي يشهد لله تعالى بالوحدانية في الصلاة يأبى أن يكتب كلمة يُقرّ بها حكم طاغية».
وعلى مستوى الجماعات، فالكل يشهد بما تعرضت وتتعرض له جماعة «الإخوان المسلمين» وأفرادها ومن يحملون فكرها منذ تأسيسها إلى اليوم.
ولسلامة المبدأ والتأسيس الذي قامت عليه الجماعة، فإنها ظلت عصية على التطويع، صامدة في وجه الرياح العاتية، تحتسب الأجر من الله في ما تمر به من أزمات ومحن وبلايا، وتُدرك بأنها ستتحول - بإذن الله تعالى - إلى مِنحٍ وعطايا.
وعلى مستوى الدول فالكل يتذكر الثمن الذي دفعته الكويت مقابل وقوفها مع الحق العربي ضد المد الصفوي الإيراني - خصوصا بعد الثورة الخمينية - ومحاولة تصدير الثورة إلى بقية دول الخليج، يومها دفعت الكويت ثمنا غاليا تمثل باستشهاد العديد من أبنائها نتيجة التفجيرات الإجرامية التي كان يقوم به «حزب الدعوة» التابع لإيران في المقاهي الشعبية والمنشآت النفطية، ناهيك عن خطف الطائرات التي قام به أتباع «حزب الله» وقتل أحد ركابها وإلقائه من الأعلى، وكان من أعظمها جرما محاولة اغتيال الأمير الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، من خلال محاولة تفجير موكبه بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، حيث استشهد بعض أفراد الحماية، وسلم الله تعالى الأمير إلا من بعض الإصابات.
وظلت الكويت على مبدئها حتى توقفت الحرب العراقية - الإيرانية.
واليوم نرى تركيا تدفع ثمن وقوفها مع الشعب السوري وحقوقه، وهي ترفض بقاء طاغية الشام على كرسيه، خصوصا بعد الجرائم الكبرى التي ارتكبها في حق شعبه.
وقد دفعت تركيا ولا تزال تدفع ثمن ذلك الموقف، من خلال محاولات أتباع النظام والموالين له بزعزعة أمن تركيا واستقرارها كي تحيد عن موقفها.
ولعل من آخر تلك المحاولات، التفجير الإجرامي الذي وقع في مدينة أنقرة وخلّف عشرات القتلى والجرحى.
هذا التفجير ليس الأول ولن يكون الأخير، والسؤال: هل ستُغير تركيا من سياستها وتتنازل عن مبادئها وتنحرف عن مسارها؟
الجواب: بالطبع لا، فلقد عودتنا الحكومة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان على صلابة الموقف، وشجاعة القرار، والثبات على المبدأ. وكما صرح الرئيس التركي بأنه كلما ضاق الخناق على الإرهابيين اتجهوا إلى المدنيين الأبرياء.
تحتاج تركيا إلى وقفة دعم ومساندة من أشقائها العرب والمسلمين، وتأييدٍ من الدول صاحبة المبادئ والأخلاق، لا تلك التي تبحث عن المصالح والأرزاق.
تعليقات