عن سر قوة الطبقة العاملة.. يكتب وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 718 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  -  الوحدة العمالية

وليد الرجيب

 

لم تستطع الطبقة العاملة الحصول على مكاسب وحقوق منذ أن تشكلت، إلا بعد أن اكتشفت سر قوتها في مواجهة الآلة الجهنمية الرأسمالية وجبروتها، والدولة التي سخرت أجهزتها لمصلحة رأس المال، وهذا السر المكتشف يكمن في وحدة الطبقة العاملة، ولذا شكلت نقاباتها التي تضم عمالاً من قطاعات معينة، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية.

ففي موضوع الأجور وساعات العمل، يعتمد الأمر دائماً على ميزان القوى، بين العمال ورأس المال، فالعمال بحاجة إلى الوحدة والتكاتف لترجيح كفة ميزان القوى لصالحهم، بينما تسعى الرأسمالية إلى تفتيت واضعاف هذه الوحدة، التي من دونها سيضعف تأثير العمال في ظل الانقسام والتنافس، فيتركز الصراع في ما بينهم بدلاً من الصراع مع عدوهم الطبقي، والنتيجة أن زمام الأمر سيكون بيد الرأسماليين، ومن خلال ذلك يستطيعون سلب حقوق العمال والانتقاص منها.

وهناك طرق عدة تنتهجها الرأسمالية لتفريق الوحدة العمالية، مثل جلب عمال مقابل أجر أقل، كالمهاجرين والوافدين وفقراء الريف، أو إشعال التمييز العنصري والقبلي والجنسي بينهم، وقد وصف ماركس العداء بين العمال الإنكليز والعمال الإيرلنديين في القرن التاسع عشر باعتباره مصدر ضعفهما، حيث قال:«إنه السر الذي من خلاله تحافظ الطبقة الرأسمالية على سلطتها وقوتها، وهي تدرك ذلك تماماً»، وبالتأكيد هذا يؤدي إلى زيادة جيش العمال الاحتياطي العاطلين عن العمل، فرأس المال يفضل العامل الخائف باستمرار، من تخلي رأس المال عنه وتركه دون وظيفة.

وفي الكويت هناك شواهد ناجحة لوحدة العمال منذ الاضرابات الأولى في النصف الأول من القرن الماضي، وحتى اشهار النقابات عام 1964، وشهد عقدا السبعينات والثمانينات وحتى منتصف التسعينات، نجاحات وانتصارات مشرقة لوحدة العمال في العمل النقابي، بل أن قائمة «الوحدة العمالية» الشهيرة، كانت اسما على مسمى، إذ اتحدت عناصر من طوائف وفئات اجتماعية قبلية وحضرية في قائمة انتخابية واحدة، تمثل مصالح العمال دون تحيز لأي مكون اجتماعي، وبذلك استطاعت نيل ثقة العمال وتحقيق انتصارات ومكاسب عمالية، في مجالس إدارات نقاباتها، وعلى مستوى اتحادي القطاعين النفطي والحكومي، والاتحاد العام لعمال الكويت، وحظيت الحركة النقابية بمكانة عربية وعالمية على مدى عقدين ونصف من الزمان.

لكن بعد ذلك انقلب الحال، عندما أصبحت النقابات أشبه بالمحاصصة بين القبائل والطوائف، التي وضعت شروطاً تعجيزية لمن يرغب بالترشح لمجالس إداراتها، وخرجت الحركة النقابية من صفوف الحركة الوطنية والديموقراطية والتقدمية، حيث كانت جزءاً عضوياً منها، إذ لم تكن الحركة النقابية تحمل الهم العمالي المطلبي فقط، بل حملت وشاركت في الهم الوطني أيضاً.

والآن هناك بارقة أمل سببها الوعي العمالي والنقابي، وهناك مؤشرات على صحوة في بعض النقابات للعودة إلى دورها ومسؤولياتها العمالية والوطنية المعهودة، والخروج من الوصاية الحكومية، فتأسست تجمعات عمالية وطنية وتقدمية، خارج الجسم الرسمي مثل التجمع العمالي، وهو يشبه النقابات المستقلة في كثير من الدول العربية، وهو النموذج الذي يجب أن يحتذى، وهو تشكيل إبداعي من العمال أنفسهم.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك