يكتب عبدالعزيز الفضلي: حتماً سنرى الفرق!

زاوية الكتاب

كتب 559 مشاهدات 0


الراي

كلمات تحطم الصخر

عبدالعزيز الفضلي

 

بعض الكلمات لها تأثير أقوى من أي سلاح، سلبا او إيجابا، فقد ترفع انسانا إلى هام السحاب، وقد تهبط به الى أدنى الحفر،

لذلك كان اختيار العبارة والوقت الذي تُقال فيه، فن قد لا يتقنه الا قلة.

حرص أحد المبتعثين على الحصول على أعلى الدرجات في دراسته، من أجل ان يجعل والده فخورا به، وبعد جد واجتهاد حصل على الامتياز في المواد كافة، فقام بالاتصال بوالده هاتفيا كي يبشره بالنتيجة، لكن كانت رد فعل الأب، صادمة للابن، اذ قال له: الآن أنا مشغول، كلمني في وقت آخر.

كان لتلك الكلمة أثرها في تحطيم هذا الطالب المبتعث، اذ شعر بأن الجهد الذي بذله في السهر والاجتهاد لم يكن له أي قيمة عند والده، فانقلبت حياة الطالب رأسا على عقب، إذ أخذ يعاقر الخمر ويتعاطى المخدرات، وانتهت حياته بجرعة زائدة!

في إحدى المدارس، استدعى المدير مجموعة من المعلمين وأخبرهم بأنه تم اختيارهم لأنهم من أكثر المعلمين تميزا، وأنه تم اختيار مجموعة من أميز الطلاب ليقوموا بتدريسهم، وعندما ظهرت النتائج في نهاية الفصل، حصل جميع الطلاب على درجة الامتياز - لا يزال الأمر عاديا وطبيعيا - لكن الغريب أن الطلاب لم يكونوا من اميز الطلاب، وكذلك كان حال المعلمين، لكنه سحر الكلام وقوة تأثيره في التحفيز وشحذ الهمم.

قبل غزوة بدر، قال النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة، «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فقال عمير بن الحمام: بخٍ بخٍ إنها لحياة طويلة لأن بقيتُ حتى آكل هذه التمرات، وكانت في يده تمرات، فألقاها وقاتل حتى قُتِل شهيدا في سبيل الله».

يأتي شاب الى النبي عليه الصلاة والسلام يستأذن في الزنا، فيخاطبه عليه الصلاة والسلام خطاب الرحيم الرؤوف، بعد أن أدناه منه: «أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك»؟

فكان لذلك وقع كبير على نفس الشاب حتى تحول الزنا الى ابغض شيء في حياته.

قد نحتاج أحيانا إلى كلمات تأنيب مؤثرة للتنبيه على خطأ فادح، مثال قول النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، بعد أن عيّر بلالا بأمّه السوداء، وكان لذلك التأنيب أثر على أبي ذر الغفاري، أدرك من خلاله ما وقع فيه من جرم، فوضع خده على التراب معتذرا لبلال.

فنوع العبارة، واختيار الكلمة في التنبيه أو التحفيز، يعتمد على حسب الشخص والموقف والحالة.

حياتنا مليئة بالمواقف، وتحت ايدينا العديد ممن نتحمل مسؤوليتهم وتوجيههم، لذلك ارجو أن نمحو من قاموسنا، وصف، الأبناء، الطلاب، والموظفين بالفشل والغباء والبلادة، ولنستبدل كلمات التأنيب والتقريع بكلمات التحفيز والتشجيع، وحتما سنرى الفرق.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك