بغداد على اعتاب حكومة تكنوقراط

عربي و دولي

إجماع على الاصلاح واختلاف على الاليات

779 مشاهدات 0

حيدر العبادي

ما ان اطلق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي دعوته الاخيرة لاجراء تعديل وزاري جوهري ينتقل بحكومته من حكومة محاصصة حزبية الى حكومة تكنوقراط حتى تصاعد الجدل والحراك السياسي باتجاهات شتى ظاهرها الدعم المطلق لفكرة التكنوقراط كسبيل للاصلاح وباطنها خلاف محتدم حول الية الاختيار والبرنامج السياسي الجديد.
وجاءت دعوة العبادي للتعديل الوزاري بعد نحو ستة اشهر من حزمة اصلاحات اطلقها في اغسطس الماضي غير انها لم تقنع الشارع العراقي الذي واصل التظاهر والاحتجاج بشكل اسبوعي في ظل انتقادات واسعة للاداء الحكومي.
ويبدو ان العبادي غير نهجه في اتخاذ القرارات الاصلاحية هذه المرة فبدلا من اعلانها بشكل مفاجئ كما فعل في ال17 من اغسطس الماضي حين الغى اربع وزارات ودمج ثماني اخرى فها هو الان يطرق فكرة التعديل الوزاري بمنظورها العام قبل اتخاذ اي قرار ويطلب من البرلمان بكتله السياسية دعمه واطلاق يده نحو حكومة تكنوقراط.
وقالت النائبة عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب لوكالة الانباء الكويتية (كونا) 'نحن كأكراد داعمون لاي حراك حكومي هدفه الاصلاح سواء كان اصلاحا ماليا او اقتصاديا او سياسيا لكن ليس على حساب الشراكة في ادارة الدولة ولن نقبل ان يستغل التعديل الوزاري المرتقب في تهميش المكونات العراقية'.
وأضافت 'اذا كان العبادي يريد الاصلاح عبر التكنوقراط فعليه ان يرجع للكتل السياسية والا يغادر مبدأ الشراكة والتوافق الذي بنيت عليه العملية السياسية في البلاد'.
وذكرت 'نحن من سيرشح اسماء الوزراء للحكومة الجديدة وعلى رئيس الحكومة ان يختار من بين مرشحينا من يجده ملائما ولن نقبل بمرشحين يأتي بهم بنفسه دون مشورتنا حتى وان كانوا من القومية الكردية'.
واشارت الى ان البرلمان استضاف العبادي قبل ايام لكنه لم يحدد موعدا لاعلان وزارته الجديدة ولا عدد وزرائها ولا برنامجها السياسي وانه اكتفى بالاعلان عن نيته تشكيلها كوسيلة للاصلاح السياسي.
ولم تبد نجيب تحمسها لفكرة التعديل الوزاري كوسيلة للاصلاح لافتة الى ان الاصلاح يمكن ان يتحقق في ظل الحكومة الحالية اذا ما توفرت الارادة الحقيقية وبرامج العمل الصحيحة.
واستدركت انه رغم ذلك 'فنحن داعمون لاي اجراء يحقق الاصلاح ومثلما صوتنا على اصلاحات العبادي السابقة ودعمناه سنصوت لاصلاحاته الجديدة شريطة عدم تهميش الاكراد'.
ولكن يبدو ان ملف اختيار الوزراء الجدد وطبيعة انتماءاتهم الحزبية ليست ذات اهمية كبيرة بالنسبة لاتحاد القوى الوطنية بقدر اهمية البرنامج السياسي للحكومة المقبلة ومدى التزامها بوثيقة الاتفاق السياسي التي سبق ان ابرمها الاتحاد مع العبادي ابان تشكيل حكومته الحالية.
وقال النائب عن اتحاد القوى عبدالعظيم العجمان ان 'الاتحاد مع التغيير الوزاري ولكن بشرط اعتماد المنهجية السليمة ووضع برنامج سياسي محدد يأخذ في الاعتبار تطبيق بنود وثيقة الاتفاق السياسي التي تتضمن 29 بندا'.
وتابع 'نحن بحاجة لبرنامج سياسي يعالج مسألة المناطق المنكوبة التي دمرها ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وملف النازحين وتأمين عودتهم وملف المعتقلين الابرياء في السجون العراقية وغيرها من الملفات العالقة الاخرى'.
واضاف ان 'تلك الامور هي التي تشغل اتحاد القوى اما الاسماء وآلية الترشيح فلا مشكلة لدينا فيها سواء كان تغييرا شاملا ام جزئيا لان العبادي وعد بانه سيشرك كافة مكونات الشعب العراقي'.
وذكر 'اننا نريد من الحكومة المقبلة ان تكون الحد الفاصل بين مرحلتين وان تنتقل بالعراق الى مرحلة جديدة من الاستقرار الامني والاقتصادي'.
في المقابل يرى ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي له العبادي ان رئيس الوزراء له الحرية في اختيار وزرائه الجدد بعيدا عن ضغوطات واشتراطات الكتل السياسية ليتحمل وحده مسؤولية النجاح او الاخفاق وان يكون التغيير شاملا وجذريا.
وقال النائب عن الائتلاف عبدالهادي موحان ان البعض مصر على اعتماد المحاصصة الحزبية في التشكيلة الحكومية المقبلة وهو الامر الذي يرفضه العبادي بشكل مطلق.
واكد موحان ان العبادي لن يقبل فرض اي شخصية على حكومته المقبلة وانه من سيختار الوزراء مع ضمانات بمراعاة حفظ التوازن داخل الحكومة عبر اشراك وزراء من جميع مكونات المجتمع.
وذكر ان فرض اي وزير من قبل الجهات السياسية على رئيس الوزراء سيقيد عمل مجلس الوزراء ويحد من قدرته على اتخاذ القرارات المناسبة ويبقي البلاد عالقة في ازماتها الحالية.
واضاف 'نحن كدولة قانون نريد ان يكون التغيير شاملا وجذريا وليس جزئيا وان يأتي العبادي بوزرائه البدلاء دون تدخل الكتل السياسية ليعرضهم على البرلمان ويتحمل بعد ذلك مسؤولية نجاح او اخفاق الحكومة'.
وفي خضم الجدال السياسي بين كبار الكتل السياسية فإن ممثلي الاقليات في العراق وجدوا في التعديل الوزاري فرصة للمطالبة بدخول الكابينة الحكومية بعد ان غابوا عن جميع الوزارات السابقة.
وقال ممثل المكون الشبكي في البرلمان العراقي النائب سالم جمعة 'نحن مع التعديل الوزاري ومع حكومة التكنوقراط ومع الاصلاح لكننا نريد من العبادي ان يشرك الاقليات في اي حكومة مقبلة'.
واضاف 'نحن لا نضع مشاركتنا في الحكومة كمعيار لدعمها او معارضتها وسنصوت لتلك الحكومة متى ما تأكدنا انها تسعى للاصلاح الحقيقي حتى لو لم يكن لنا فيها ممثل'.
ويبدو ان مهمة العبادي لن تكون سهلة مع كل هذه المعطيات والمطالب السياسية في الوقت الذي يخضع لضغط جماهيري متزايد للاسراع بالتعديل عبر مظاهرات شعبية اسبوعية بلغت اشدها يوم الجمعة الماضي بخروج مئات الالاف من اتباع التيار الصدري.
ويرى مراقبون ان تأخر اعلان التعديل الوزاري الجديد سيجعل العبادي في موقف اصعب مما هو عليه لو واصل العمل مع حكومته الحالية دون اي وعود بالتغيير لاسيما ان مفردة التغيير اقترنت بالكثير من الوعود بتحسين الواقع الاقتصادي ومحاربة الفساد فضلا عن تعزيز الواقع الامني الذي صار يشهد خروقات متكررة في الايام الاخيرة.

الآن - كونا

تعليقات

اكتب تعليقك