المحاصصة الطائفية أصبحت هي الأصل في العراق.. هكذا يعتقد وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 508 مشاهدات 0


الراي

نسمات  -  كيف استطاعوا تدمير العراق؟!

د. وائل الحساوي

 

يعتبر الكاتب بوب وود ورد من أشهر المؤلفين الأميركان الذين ألّفوا العديد من الكتب عن السياسة الأميركية من داخل البيت الأبيض، ويسمى ببطل «فضيحة ووترغيت» التي سقط فيها الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون واضطر إلى تقديم استقالته.

في كتاب وود ورد بعنوان «Plan of Attack» أو «خطة الهجوم» الذي كتبه عن الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ذكر أن مسألة غزو العراق كانت في بال الرئيس جورج بوش منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، ولكن أحداث سبتمبر 2001 اضطرته إلى وضع الموضوع جانباً (على الموقد الخلفي) موقتاً والانشغال بغزو أفغانستان، وما أن سيطر الأميركان على أفغانستان حتى عاد الرئيس بوش إلى حلمه القديم، وسخّر جميع العاملين معه لإيجاد مبررات منطقية لتنفيذ خطته في غزو العراق، ومنها إيجاد أدلة على أن صدام حسين ما زال يمتلك أسلحة الدمار الشامل التي تهدد العالم!!


وبدأ مساعدو بوش سباقاً محموماً لإيجاد تلك الأدلة التي لم تكن متوافرة، ويصف وود ورد المناقشات والخناقات التي دارت في مقر الإدارة الأميركية من أجل خلق تلك الأدلة، واتهام الإدارة لكولن باول، أحد رموز تحرير الكويت بالتردد والخوف، ثم تجميد دوره، وقد كان وقتها وزيراً للخارجية.

بالطبع فقد نفّذ بوش حلمه وغزا العراق ثم لم يجد أي دليل على ما أراده، ويكشف وود ورد بأن الكثيرين حاولوا صرف بوش عن خطته الجهنمية ليبينوا له بأن فتح جبهة جديدة على العراق في الوقت الذي يخاطر فيه الجيش الأميركي في أفغانستان يعتبر مغامرة سيئة يجب تجنبها، ولكن بوش كان مُصراً على رأيه، وفي تصوري بأن هذا الإصرار كان بسبب عقيدته التوراتية التي تدفعه إلى احتلال الشرق الأوسط، وقد وجد بوش في بعض رجالات العراق الذين زينوا له ما أراد مثل أحمد جلبي الذي جاء على ظهر الدبابات الأميركية من أميركا إلى العراق والذي أكد لبوش يقينه بوجود أسلحة الدمار الشامل عند صدام حسين!!

وبعد سقوط العراق بيد الولايات المتحدة أعلن بوش عن إرساله واحداً من أفضل رجالاته لحكم العراق، ألا وهو بول بريمر الذي عمل مساعداً لهنري كيسنجر اليهودي، وقال عنه كيسنجر بأنه مهووس بحب السيطرة، وقد قام بريمر حال تعيينه حاكماً عسكرياً على العراق، والذي افتخر بأنه يشابه صدام حسين في صلاحياته، قام بحل الجيش العراقي وتسريح أكثر من 400 ألف جندي وإرسالهم إلى بيوتهم بحجة تصفية كل خيوط حزب البعث في العراق، وبذلك تحول الجيش في العراق من مُحررين إلى مُحتلين، وقرر كثير من العراقيين الانضمام إلى المقاومة.

وليت الأمر اقتصر على ذلك، فقد تحدث كثير من العراقيين الذين عملوا مع بريمر بأنه كان يخطط ويتعامل مع شرائح الشعب العراقي بمنطلق طائفي بحت، إلى أن كرّس نظام المحاصصة الطائفية التي أصبحت هي الأصل في العراق!!

ما ذكرته في مقالي السابق وفي هذا المقال هما مثالان واضحان حول طرق تعامل القوى الاستعمارية مع الشعوب العربية وسعيها لتمزيقها وبث الفرقة بينها من باب سياسة «فرق تسد»، بل والسعي لإشعال نار العداوة بين الشعوب وتحريض بعضها على بعض من أجل إشعال الحروب بينها، لكي تبقى تلك الدول الاستعمارية مهيمنة على الجميع!! ولعلي في مقال قادم أتكلم عن تجربة سورية التي تمثل مثالاً صارخاً على الخساسة في التعامل مع شعب قام للمطالبة بنيل حقوقه ونفض ذل الاستعمار والذل عليه!!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك