علي الطراح يكتب عن حالة الخوف بالخليج،

زاوية الكتاب

السياسات الغير منسجمة جعلت المنطقة امتداد للنفوذ الأمريكي

كتب 5568 مشاهدات 0

علي الطراح

حالة من الخوف والتشويش تعيشها المنطقة الخليجية. والأسوأ في الموضوع غياب الرؤية حيال ما يحدث بالنسبة لمواطني دول المنطقة، وهي أحد أهم علاتنا في تغيب المواطن عن طبيعة التطورات الإقليمية. تصريحات متناقضة وسياسات غير منسجمة باتت واضحة للعيان بخلاف التصريحات الرسمية، اعتبرت هذه المنطقة امتداد للنفوذ الأميركي، بينما يتساءل المواطن حول التفاهمات الروسية ــ الأميركية حيال الملف الإيراني والسوري واليمني والليبي، ويقابل ذلك تفاوت في السياسات الخليجية حيال هذه الملفات. ويبدو أن كل دولة لديها اعتقاد بأن سياستها المنفردة تحقق النجاة من التطورات القادمة. ويظهر لنا مشهد الصراع بأن هناك استهدافاً واضحاً للملكة العربية السعودية يظهر ذلك جلياً في تسلسل الهجوم في الإعلام الغربي، وتتحول المواجهة وكأنها سعودية ــ إيرانية، ويذهب البعض إلى وصفها بمواجهة سُنية شيعية تقودها السعودية. بعض من دولنا الخليجية ترى بأنها بسياستها المنفردة، تنجو من المعركة التي اشتعلت بالمحيط، وتنسى أن الاستهداف أكبر مما نتصور، وأن الخليج بدوله العربية أصبح تحت المجهر وضمن المخطط الكبير الذي يستهدف المنطقة.

صحيفة «لوتون» السويسرية كشفت عن تفاصيل لقاءات أميركية ــ إيرانية بين2003 و2207 وأطلق عليها (تراك 2)، وكانت تهدف إلى تفاهمات حول مستقبل المنطقة. وسرب موقع أمني غربي معلومات دقيقة حول لقاءات عقدت بين الطرف الأميركي و«حزب الله» اللبناني في 29 أبريل 2014 وكان الهدف محاربة الإرهاب السُني الذي تقوده الجماعات الجهادية الذي اعتبر تهديداً للأمن الإيراني والأميركي على حد سواء. ومن ثم ظهرت لنا دراسة لـ«معهد واشنطن» في 20 أبريل 2014، تؤكد تحول في الموقف الأميركي تجاه تقييم جديد للدور الإيراني في المنطقة العربية، ومن ثم محاولة صياغة استراتيجية أمنية جديدة قائمة على ركائز تفرضها ظروف الصراع الذي تعيشه المنطقة. وتواصلت الاجتماعات في قبرص، وتم الاتفاق بين الطرفين على الخطوط العريضة لمواجهة الجماعات «الجهادية»، وتطور الأمر إلى أن تقدمت مؤسسة «راند» وطرحت تصوراتها لوزارة الدفاع الأميركية حول كيفية التعامل مع الأقليات، وكان أهمها إعادة تقسيم جغرافيا المنطقة، وفق أسس عرقية ودينية.

تولت جامعة «درهام» البريطانية من خلال أحد مراكزها وبرئاسة «كريستوفر ديفيدسون» مؤلف كتاب «الانهيار القادم للأنظمة الملكية في الخليج»، تقديم تصورات مستقبلية حول طبيعة الصراع، وكان بتمويل إيراني، وأصدر المؤلف ما يقارب من 4 كتب تناولت أنظمة المنطقة الخليجية العربية بسلبية منقطعة النظير. وقد أشارت صحيفة «الجارديان» البريطانية إلى خطورة الموضوع، وأن محاولات «ديفيدسون» وإنْ كانت تظهر بمظهر مساند للديمقراطية، إلا أنها واضحة من حيث تقديم إيران كدولة ديمقراطية بينما الطرف الآخر يمثل الاستبداد!
وفي ظل هذه التطورات الكبيرة، بقت المنطقة الخليجية غير قادرة على صياغة سياسة منسجمة بين أعضائها، بل نستغرب من الإصرار على نمط التفكير التقليدي الذي ساد بين صانعي القرار. والمؤلم أن السياسات العامة حافظت على ركائزها التقليدية في شراء ولاءات مختلف اللاعبين من جانب، والمراهنة على الوقت لحل الأزمات على أمل أن تحل نفسها بنفسها. بينما الوضع يزداد حدة وربما دون مبالغة نقول إننا على مفترق طرق، وإننا نجني تداعيات سياسة اللامبالاة، ولا يبدو أننا نسير في الدرب الصحيح. فالإهمال والتخبط قاد المنطقة إلى أزمة مدمرة، ولا مجال إلا من خلال إعادة تقييم نمط نهجنا التقليدي.

الآن - جريدة الاتحاد

تعليقات

اكتب تعليقك