لن تتوحد قلوبنا خلف راية الوطن إلا بالإخلاص.. هذا ما تراه نرمين الحوطي

الأنباء

محلك سر  -  الإخلاص والرؤية

د. نرمين الحوطي

 

خلق الله الإنسان ليعيش في مجتمع بشري تتكامل فيه الأدوار والوظائف وتتم فيما بينهم المصالح والمنافع.

فالإنسان لا قيام له بمفرده في الحياة، حتى المجموعات الصغيرة لا يمكنها التعايش مستقلة عن المجتمع لأن الإنسان بطبعه « مدني ».

والله سبحانه وتعالى بنى نظام هذا الكون على تعاون الناس، فإذا لم يأمن الناس بعضهم بعضا تنكر بعضهم لبعض وتبادلوا الإهلاك ليفوز الفرد على حساب الآخر وهنا منشأ الفساد والإفساد.

ولا يلجأ الإنسان لذوي قربه ورحمه فقط بل يرتبط بجميع من حوله ويسعى بكل جهده لإيجاد روابط مشتركة من الحب والتفاهم والانسجام تعزز ذلك التقارب.

وقلوب البشر بين يدي الله عز وجل يقلبها كيف يشاء، فبها نحب ونكره ونعطي ونمنع. وتقلب القلوب منه المحمود والمذموم، فالأول يكون بانتهاج ما أمر به الله واللجوء إليه سبحانه في الحركات والسكنات، أما المذموم فهو البعد عن منهج الله وفيه فساد القلب وهو أسرع الطرق للانزلاق وسوء العاقبة.

ومن سنن الله تعلق القلوب بالأوطان ومنه يكون الحب والارتباط بالأرض والربط بينها وبين الرزق والسكن والأمن والعرض، وتأتي النزعة للعطاء والإخلاص وانبعاث الشعور بالولاء والانتماء لذلك الوطن وتلك الأرض، فحب الوطن مرتبط بنبض القلوب في الأجساد، وصاحب القلب السليم يسعى لتعزيز مفهوم الوطنية ووحدة الصف ودرء الفتن وكل مايشق الصف، ويرى أن السلامة في الترابط و التواصل والتوحد بين شرائح المجتمع والعيش تحت مظلة المواطنة وطاعة ولي الأمر دون كبر أوعناد وماشابه ذلك من أمراض القلوب.

وبلادنا أنعم الله عليها بقائد إنساني يغرس الخير أينما حلّ، داعية للحق والتسامح ومجسد لصوت الاعتدال والعقل والحكمة، يرأب الصدع ويصدح بالحق وينادي بالعدل، رمز للبذل والعطاء، ينتظر منا أن نكون له عون في حماية نسيجنا الوطني والتغاضي عن أسباب الشقاق والخلاف، وأن تتوحد قلوبنا خلف راية الوطن، ولن تتوحد قلوبنا إلا بالإخلاص، والإخلاص يكون أولا مع الله بتطهير القلوب من الرياء والنفاق والشرور، ثم الإخلاص مع بعضنا البعض بعدم التلون في تعاملاتنا وأن نكون حسني النية وأن نلتمس الأعذار لبعضنا ونتجاوز عما يجلب التشاحن والتنافر وأن نكون جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.