حكم إبطال مرسوم إنشاء هيئة مكافحة الفساد صادم.. كما يرى علي الفيروز

زاوية الكتاب

كتب 741 مشاهدات 0


الراي

إطلالة  -  ما وراء إبطال مرسوم إنشاء هيئة مكافحة الفساد!

علي محمد الفيروز

 

لقد جاء حكم المحكمة الدستورية بإبطال مرسوم إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد بمثابة الصدمة التي طالت الجميع، فقد كان حكماً تاريخياً حاسماً للجدل الدائر حوله بعد أن صدر القانون بمرسوم ضرورة بعد حل مجلس الأمة عام 2009، ولهذا يحتاج القانون البديل عنه التروي جيداً لدراسته من جميع جوانبه بين السلطتين قبل أن يتكرر الخطأ، فالحكم السابق كان يؤكد انتفاء حالة الضرورة التي اشترطت توافرها المادة 71 من الدستور، وأن مرسوم القانون لا يصلح بذاته سنداً لقيام حالة الضرورة المبررة لإصدار مثل هذا المرسوم بقانون طالما أنه لم يطرأ من الأحداث أو الظروف ما يشير إلى أن أموراً معينة قد تفاقمت أو أن أوضاعاً قائمة قد استفحلت خلال فترة غياب مجلس الأمة...

وبالتالي جاء حكم المحكمة ليبطل شرعية الهيئة بعد بذل جهود جبارة استطاعت من خلالها بسط نفوذها على معظم مؤسسات الدولة التي كرّست فيها الفساد، ومن تكليف مجلس الأمة استطاعت الهيئة أن تبسط يدها على مواقع خلل الإنجاز وطرح أسباب تأخير المشاريع الحكومية من خلال ممارسة صلب اختصاصاتها في حرية المخاطبات وإجراء التحقيقات والتدقيق والفحص وسلطة الرقابة على كل سجلات المؤسسات الحكومية والأهلية طوال بقائها في تلك الفترة، كما أدت دورها المنشود في كيفية التعامل مع الذمم المالية فامتلأت الهيئة بملفات وأظرف القياديين السابقين والحاليين في مراحلهم القيادية المتعددة في مختلف الجهات الحكومية من دون أي تفرقة، وبالتالي جاءت هذه الجهود لعاملي الهيئة لتحقق الهدف المرجو منها منذ تاريخ إنشائها وحتى إبطالها على أكمل وجه ولكن يقع العيب واللوم على الحكومة التي لم تتريث في إصداره بالشكل المطلوب فلم تراعِ جوانبه من حيث إمكان توافقه مع روح الدستور والقانون ولم تراعِ المصلحة العامة لتتفادى الوقوع في أي مطب أو ثغرة قانونية من الممكن الطعن بها وإنما انفردت بقرار جاء مستعجلاً من دون دراسة متأنية أثناء فترة حل مجلس الأمة وهو ما أدى إلى إسقاطه رغم أهمية وجوده كهيئة وطنية جاءت لتقضي على كل أنواع الفساد في البلاد وتحمي المال العام من أي انتهاك لأنها رسالة هادفة تحقق سبل التنمية المستدامة وتعزز مبدأ الشفافية والنزاهة في الجهات الرسمية بطريقة قانونية..

ونود أن نشير هنا أن حكم المحكمة الدستورية الذي ألغى المرسوم فيه لم يُعالج أسلوب التعامل مع الوثائق التي تتعلق بالبيانات الشخصية لهؤلاء القياديين رغم أهميتها لأنها تتصل بالذمم المالية التي يجب أن يتم التعامل معها بحذر شديد وسرية تامة ورغم ذلك اتخذت وزارة العدل ووزارة الداخلية إجراءاتهما الاحترازية لمنع تسريب بيانات ووثائق الهيئة العامة لمكافحة الفساد من دون تنسيق مسبق أو أن يشير الحكم لهما وهذه جهود يشكران عليها.

إذاً ما نريد قوله هنا إن خطوة إبطال مرسوم إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد من المحكمة الدستورية قد أعطت الحكومة درساً واضحاً في عدم تجاوزها الأسس الدستورية عند إصدار أي تشريعات بصفة استعجال من دون تدقيق ومراجعة قانونية صحيحة أثناء غياب السلطة التشريعية للتوسع في استخدام المادة 71 من الدستور من دون الحاجة للضرورة، وبالتالي على الحكومة محاسبة المخطئين من المستشارين الدستوريين لديها عن هذه الأخطاء الفادحة حتى لا يتكرر الخطأ والإهمال في أي قرار حكومي، فما نتمناه اليوم أن تتوافق جميع التعديلات المقدمة من الحكومة والمجلس على هذا القانون الجديد حتى يخرج تقرير اللجنة التشريعية مكتملاً ليتم إقراره في أقرب جلسة مقبلة من أجل أن تعيد هيئة مكافحة الفساد أنفاسها ونبارك لها من جديد.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك