إسبانيا تبدأ الصمت الانتخابي قبل الانتخابات العامة غدا
عربي و دوليديسمبر 19, 2015, 9:54 ص 604 مشاهدات 0
انتهت الحملة الانتخابية في إسبانيا بعد أسبوعين من النشاطات الانتخابية والترويجية المكثفة التي تعد أكثرها حسما وتنافسا في تاريخ الديمقراطية الاسبانية استعدادا للانتخابات العامة المقررة غدا الأحد التي قد تغير المسرح السياسي في البلد الأوروبي.
وبدأت منتصف ليلة اليوم السبت فترة الصمت الانتخابي لمنح الناخبين فرصة تحديد خياراتهم لاسيما المترددين منهم الذين يبلغون مستويات عالية قدرتها بعض الاحصائيات بنسبة تبلغ نحو 41 بالمئة من الناخبين.
وجعل هذا الامر سباق التنافس على أصواتهم محموما بين أربعة تشكيلات حزبية سياسية تتمتع جميعها بنوايا تصويت تفوق 15 بالمئة من المجموع العام للناخبين في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ البلاد وهذه الاحزاب هي الحزبان الرئيسيان الشعبي المحافظ الحاكم والحزب الاشتراكي والحزبان الصاعدان (بوديموس) و(سيودادانس).
ويفتح هذا المشهد الباب لنوع جديد من الحكم في إسبانيا يرتكز بلا شك إلى حكومة ائتلافية مازالت مجهولة المعالم في ضوء ضبابية تصريحات المرشحين الأساسيين لكنها مع ذلك ظاهرة فريدة ومثيرة للاهتمام لاسيما ان ذلك سيترجم عمليا إلى سقوط نظام القطبية السياسية وكسر هيمنة الحزبين الرئيسيين الشعبي اليميني وحزب العمال الاشتراكي الإسباني اللذين تناوبا على السلطة في إسبانيا منذ وضع الدستور عام 1978.
ويتسع الفضاء السياسي اليوم لتشكيلتين جديدتين دخلتا ميدان الصراع على الحكم بقوة نشأت الأولى وهي (سيودادنوس) في إقليم (كتالونيا) عام 2006 فيما نشأت الثانية وهي حزب (بوديموس) منذ عام ونصف العام في اعقاب تنامي حالة السخط السياسي والضيق الاقتصادي الذي عانته إسبانيا ليرتقيا دفعة واحدة إلى التنافس على السلطة وامتلاك مفاتيح الحكومة الجديد وإعادة تشكيل النسيج السياسي رغم انهما لا يتمتعان بأي تمثيل سابق لهما في البرلمان الاسباني.
وترى الاستطلاعات أن أيا من الأحزاب الأربعة لن يحظى بأغلبية مطلقة تمكنه من الحكم بمفرده وانطلاقا من ذلك شكلت مسألة التحالفات عقب الانتخابات أهم ملامح الحملة الانتخابية رغم نأي المرشحين الأساسيين عن الكشف عن تطلعاتهم وتوجهاتهم بشكل علني صريح ونفيهم جميع التكهنات التي تناقلتها وسائل الاعلام المحلية.
وفي هذا الاطار حذر رئيس الوزراء الاسباني زعيم الحزب المحافظ ماريانو راخوي أمس الجمعة من إمكانية تشكيل حكومة ائتلاف يسارية بين (الحزب الاشتراكي) و(بوديموس) وتشكيلات حزبية أخرى معتبرا ان ذلك سيهدد أجواء الاستقرار التي تمكن حزبه الحاكم من تحقيقها خلال السنوات الماضية وينعكس سلبا على مصالح الشعب الاسباني.
ويأتي ذلك في وقت يتكهن البعض بائتلاف بين حزب راخوي وحزب (سيوادانوس) الذي يعده البعض 'ماركة بيضاء' للحزب اليميني بزعامة ألبرت ريفيرا من جهة وبائتلاف قد يضم الحزب الاشتراكي بزعامة بيدور سانشيز وحزب (بوديموس) اليساري بزعامة اجليسياس مع تشكيلات يسارية أخرى.
وفي ضوء خصوصية هذه الحملة الانتخابية وخصوصية السباق إلى (قصر مونكلوا) فقد شارك المرشحون في عدد من المناظرات الانتخابية المتلفزة وشاركوا كذلك في عدد من البرامج التلفزيونية المنوعة في محاولة التقرب من الناخبين مع ان راخوي شارك في مناظرة واحدة فقط هي التقليدية التي تجمع تاريخيا بين زعيمي الحزبين الشعبي والاشتراكي.
وتشير استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها في إسبانيا في 14 ديسمبر الجاري والأخيرة المسموح بها قبل الانتخابات وفق القانون الانتخابي إلى ان الحزب الشعبي سيفوز بالانتخابات مجددا لكن دون الأصوات الكافية لتشكيل حكومة منفردة على ان يليه في المركز الثاني الحزب الاشتراكي ثم حزبا (سيوادانس) و(بوديموس) على الترتيب.
واظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة (الموندو) واسعة الانتشار على سبيل المثال الذي يتوافق بشكل عام مع بقية الاستطلاعات ان الحزب الشعبي سيفوز بنسبة 2ر27 بالمئة من الأصوات (ما بين 114 و119 مقعدا في البرلمان المكون من 350 نائبا) مقابل 3ر20 بالمئة للحزب الاشتراكي المعارض (ما بين 76 و81 مقعدا).
وعلى الجانب الآخر يتنبأ الاستطلاع بفوز حزب (سيودادنوس) بنحو 20 بالمئة من الأصوات (62 إلى 69 مقعدا) على ان يفوز حزب (بوديموس) الصاعد والذي كان أنشئ منذ عام ونصف العام ب 4ر18 بالمئة من الأصوات (ما بين 56 إلى 60 مقعدا).
ومع ذلك فإن الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية المكثفة ساهمت في تنقل أصوات الناخبين بين التشكيلات الحزبية المختلفة ما دفع الحزب الحاكم للتوقع وفق ما نقله التلفزيون الاسباني الرسمي عن مصادر مطلعة بارتقاء (بوديموس) إلى المركز الثاني وهبوط الحزب الاشتراكي إلى المركز الثالث.
وتشير بيانات المعهد الوطني للبحوث الاجتماعية إلى وجود مليون ناخب متردد بين التصويت لحزب (بوديموس) والحزب (حزب العمال الاشتراكي الإسباني) بينما هناك نحو 5ر1 مليون من المترددين بين منح أصواتهم للحزب الشعبي الحاكم وحزب (سيودادنوس) الذي يحاول اعتماد استراتيجية التركيز على ايديولوجية الوسط والاعتدال لاقتناص أصوات ناخبي اليسار واليمين بالطيف السياسي على السواء مع ان نزعاته تميل في الواقع الى سياسة وسط اليمين.
وسيحسم 5ر36 مليون ناخب إسباني غدا (منهم نحو مليونين من المقيمين خارج إسبانيا) جدل الصراع على الحكم منهم 8ر4 مليون ناخب في منطقة العاصمة مدريد (منهم نحو 45 ألفا يقيمون خارج البلاد) و4ر5 مليون ناخب آخر في منطقة (كتالونيا) شمال شرقي إسبانيا (منهم 175 ألفا يقيمون في الخارج).
وسيشرف على حسن سير الانتخابات أكثر من 100 ألف عنصر أمن وشرطي لاسيما في مرحلة تطبق فيها إسبانيا مستوى تأهب أمني عند الدرجة الرابعة على مقياس من خمسة في أعقاب هجمات باريس.
يذكر أن الحزب الشعبي فاز بأغلبية ساحقة في الانتخابات العامة السابقة محققا 186 مقعدا في البرلمان الاسباني (8ر10 مليون صوت) مقابل 110 برلمانيين من الحزب الاشتراكي (سبعة ملايين صوت) في حين فاز حزب (الاتحاد والتقارب) ب16 مقعدا وتقاسمت خمسة تشكيلات أخرى المقاعد المتبقية في وقت بلغت نسبة المشاركة الانتخابية 9ر68 بالمئة.
تعليقات