أحمد عبد الملك يكتب عن - قمة 'التعاون' والموضوعات المتشابكة
زاوية الكتابكتب ديسمبر 17, 2015, 11:51 ص 548 مشاهدات 0
أنهى قادة دول مجلس التعاون أعمال قمتهم السادسة والثلاثين في مدينة الرياض يوم الخميس الماضي، وسط أوضاع إقليمية ودولية غير عادية. وكان موضوع الإرهاب من أهم البنود التي طُرحت في القمة، أما الموضوع السوري فنال اهتمام القمة هو أيضاً، وجاء في صيغة تعبير عن القلق البالغ «إزاء تفاقم الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار نظام (الأسد) والمليشيات الداعمة له في عمليات القصف والقتل وما تحمله من تداعيات خطيرة».
لكن البيان لم يتطرق للتدخل الروسي في سوريا وما يخلقه من إعادة لتحريك ميزان القوة لمصلحة قوات النظام، وهو تدخل يثير عدة أسئلة حول الدور الأميركي «الموارب» حيال الأزمة السورية، وما إذا كانت هناك خطة غير مُعلنة بين واشنطن وموسكو لتقسيم سوريا؟
استوقفتني عبارة الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني، في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد انتهاء أعمال القمة، وذلك بشأن المواطنة الخليجية، والتي ركّز فيها على المواطنة الاقتصادية دون غيرها؛ أي الشراكة مع القطاع الخاص، والوحدة النقدية.
حفل البيان الختامي للقمة بقضايا عديدة أهمها التعاون الأمني والعسكري، اليمن، العراق، القضية الفلسطينية، رفض احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى)، الملف النووي الإيراني، ليبيا.
لكن اللافت للنظر أنه تمت إعادة موضوع الاتحاد الخليجي، وهو المقترح الذي طرحه، قبل سنوات، الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، حيث وجّه القادةُ المجلسَ الوزاري باستمرار المشاروات بغية استكمال دراسة الموضوع. وكانت قمة الدوحة، في العام الماضي، قد وجّهت بدراسة الموضوع أيضاً، وحينها اقترح سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد تشكيل لجنة لذلك الغرض.
نحن نلاحظ أن هناك حماساً واضحاً لدى بعض دول المجلس في السير نحو الاتحاد، بينما هنالك دعوة للتأني في هذا الموضوع، وهنالك موقف ثالث يرفض المبدأ من الأساس. لذلك جاء «بيان الرياض» ليضع حلاً توفيقياً لتلك التباينات، حيث تضمن توضيحاً للرؤية المستقبلية، والتي جاءت كالتالي:
«وما سيزيد من سرعة وتيرة الإنجاز في إطار مجلس التعاون، تضمنت رؤية خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها، في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها».
إن الجميع يعرف أن قرارات المجلس الأعلى (في المسائل الموضوعية) تصدر بإجماع الدول الأعضاء الحاضرة المشتركة في التصويت، وتصدر قرارات المجلس الأعلى (في المسائل الإجرائية) بالأغلبية. (مادة 9 من النظام الأساسي)، لذا فإن موضوع الاتحاد يحتاج إلى الإجماع، وهو أمر قد لا يتحقق في المستقبل القريب ما لم يتم اللجوء إلى تعديل النظام الأساسي.
معظم أبناء الخليج يعتقدون أن تراجع نشاط مجلس التعاون ليس في صالح أي دولة من دوله، لذا فإن «تجزئة» العمل الخليجي المشترك سوف تضرُّ بتماسك المجلس، وقد تُحدث العديد من «المنغصات» في المستقبل. ويرى البعض من الخليجيين أيضاً أن الإبقاء على وتيرة التعاون «البطيئة»، خيرٌ وأبقى من المخاطرة بـ«القفز» نحو الاتحاد وعلى نحو غير مدروس، والتسبب في «انشطار» محتمل لمجلس التعاون، وهو الكيان الذي حقق إنجازات عديدة، لعل أهمها استمراره وانتظام آلية التشاور بين قادته على مدى 36 عاماً.
وأعتقد شخصياً أن المحافظة على مسيرة المجلس، مهما كانت النواقص والمنغصات، هي من الأولويات التي يجب أن تأخذ بها السياسة الخليجية. وكما قلنا سابقاً فإن وجود مجلس التعاون لا يلغي سيادات الدول الأعضاء، وهذا واقع لابد أن نتعامل معه بكل حذر ومسؤولية.
تعليقات