الحرب على الإرهاب في منطقتنا العربية تبدو مضحكة.. بوجهة نظر ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب ديسمبر 15, 2015, 11:41 م 779 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية - الحرب الوهمية ضد الإرهاب
ناصر المطيري
في كتابه «الإرهاب الغربي» الذي صدر في عام 2008م يقول المفكر الفرنسي روجيه جارودي: «بعد انهيار الاتّحاد السوفييتي بدأ الغرب (الولايات المتّحدة وبريطانيا وحلف الأطلنطي) وإسرائيل والصهيونيّة العالميّة، حملة تشهير عالمية متعددة المستويات والمجالات والأساليب ضد الإسلام والمسلمين؛ باعتبارهم العدو الجديد للحضارة الغربية.. بالطبع كنا ـ شعوبًا وحكامًا ـ في غفلة تامة عن ذلك.. واليوم بلغت الحملة مبلغها عسكريًا وسياسيًا وثقافيًا، وكل ما نفعله الآن محاولات متقطعة لنفي الإرهاب عن الإسلام.. مع استغلال بعض حكومات الشرق الأوسط تلك الحملة العالمية لزيادة القمع والبطش ضد المعارضة بزعم محاربة الإرهاب».
ما قاله جارودي في تلك السنوات التي خلت نجده يتجلى في عالمنا اليوم بشكل أفظع وأشنع حيث تحول استخدام شعار محاربة الارهاب على هدف سياسي للغرب للتدخل في منطقة الشرق الأوسط على طريقة «حصان طروادة»، حيث يبدو الهدف المعلن هو ضرب خلايا الإرهاب في المنطقة بينما في الخفاء تتداعى علينا الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها، فلم يعد يقتصر ذلك على النفوذ الأميركي والغربي في منطقة الشرق الأوسط بل دخلت روسيا والصين وإيران وتركيا أيضا، وأصبحت بلدان كسورية والعراق وفلسطين مسارح لقوى دولية تصول وتضرب وتحرق في البلدان والشعوب بين أنظمة بعضها طاغية ومتواطئة وبعضها عاجزة ضعيفة.
كل ما تواجهه منطقة الشرق الأوسط اليوم من أخطار وتدمير وتحولها إلى ساحات حروب تبدأ ولا تنتهي في اليمن والعراق وسورية وغيرها تتخذ من محاربة الإرهاب عنوانا وذريعة لها.
ما تسمى الحرب على الإرهاب التي يشتعل أوارها حاليا في منطقتنا العربية تبدو حربا مضحكة تتصادم فيها المبادئ مع الواقع والممارسات، فالغرب وروسيا الذين يتحالفون عسكريا على أرض سورية اليوم ويقصفون ميليشيات «داعش» دون تمييز بينهم وبين قوات المعارضة السورية هم بذات الوقت يوفرون الغطاء والحماية لإرهاب النظام السوري الذي أباد الحرث والنسل في سورية وسهل دخول القوى الأجنبية لها، بل المضحك ايضا ان الغرب يتحالف مع إيران اليوم وهي التي تتبنى نظام بشار الأسد وتدعمه بالمال والقوات لقمع ثورة شعبه وهي بذلك تمارس ارهاب دولة، ولكن الغرب وبمنظور مصالحه يدوس على مبادئ الإنسانية.
الأدهى والأمر أن الحملة الروسية والغربية على الارهاب وتنطلق من سورية اليوم هي تمارس حربا عبثية أشد فظاعة من الإرهاب الذي يزعمون محاربته، حرب هدف عدو غير ظاهر، بل هو عدو «يبقى ويتمدد»، فلم يفلح التحالف الدولي ضد «داعش» الذي بدأ العام الماضي بقيادة الولايات المتحدة في شمال العراق ومناطق في سورية وعلى حدود تركيا في القضاء على الدولة الإسلامية «داعش»، لأن الحرب الحقيقية ليست ضد داعش بل تقوم على أهداف أخرى تسعى للهيمنة وتوزيع جديد للأدوار بين القوى العالمية وربما تسفر عن تغيير في الخريطة السياسية للمنطقة لتكتب «سايكس بيكو» جديدة في منطقة الشرق الأوسط.
تعليقات