الشعوب لا تكره الخدمة العسكرية إلا لباطل أغلب الحكومات فيها.. برأي محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب ديسمبر 15, 2015, 11:34 م 477 مشاهدات 0
القبس
الهرب من الخدمة العسكرية..!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
لا تكره الشعوب الخدمة العسكرية إلا لباطل اغلب الحكومات فيها، وربما استبدادها، وإلا لما تحول هذا الأمر العظيم إلى أمر لا قيمة له، ولا غير ذي بال واهتمام.
في صدور الدولة الإسلامية كان الناس يتدافعون لتسجيل أسمائهم أو إبراز شخصياتهم البطولية حتى يقبلوا في الجهاد، وكان القادة منذ رسولنا الكريم إلى صحبه وإلى من بعدهم في ممالك الإسلام يردون الشباب والشيب، فالأول لأنهم لما يكتملوا من الأعمار التي تؤهلهم لذلك، وأما الثاني وهم الشيب المجروحون من قبل في معارك الإسلام، بحيث لا يستطيعون مقاومة الأعداء، وقد سرى في الأمة حب الجهاد والكفاح والذب عن كرامة الأمة وإعلاء كلمتها ونصرها على أعدائها، ولكن لما تحولت العسكرية في بعض الدول الى خدمة الأنظمة والطواغيت وللزينة والرتب وضرب السلام الصباحي لهم، وانتشرت المكاتب الفارهة والسكرتارية الكثيرة العدد وأصبح الدخول عليهم من المستحيلات، ماتت هنا الهمم وكسلت النفوس فأصبح سماع الجندية أو فرض نظام التجنيد كمثل ذهاب الفرد إلى الإعدام أو إلى الموت بأنواعه، فلما دب بين الشباب قبل الكبار ذلك التردد والتراجع وضعت بعض الحكومات العربية نظام دفع المال بدل الخدمة العسكرية، مما عزز كره العسكرية بأشكالها المختلفة، وهذا ما يريده أعداء الأمة وعلى رأسهم إسرائيل التي لم ترتح، ويهدأ لها بال مع أميركا تعطيل دور الجيش المصري، ثم تحولت بعد ذلك إلى الجيش العراقي، فأبادته ومن بقي سرح أو ألقى سلاحه أو هرب خارج العراق، ثم دارت الدوائر بعد ذلك على جيش سوريا، وها هو ما نراه اليوم من إبادة ليس للجيش فقط، وإنما للشعب بأسره، وهو الذي أسعد إسرائيل وأميركا، بل الغرب كله، ويستحق بعد ذلك على إقامة احتفال لإبادة الجيوش العربية في المنطقة العربية قاطبة.
في إسرائيل يجندون الأطفال ويعلمونهم الرماية على الأسلحة الخفيفة، فضلاً عن الثقيلة، مع تجريعهم يوميا كره العرب والمسلمين، وأنهم أعداء إسرائيل التي يريدون إنهاءها، ولم يتردد أو يتخلف أي طفل في إسرائيل عن التدريب والتعليم على السلاح بدفع من أهله، حتى يكبر ثم ينخرط في الجيش بعد ذلك، ويعيبون على «داعش» أنه يدرب الصغار على حمل السلاح! وأمتنا يكرهونها في العسكرية، بل ويهونون أمرها. ومن المضحكات التاريخية، بل السخرية في موقف الإنسان المصري إزاء الخدمة العسكرية أيام محمد علي باشا أن البعض كانوا يذرون الزرنيخ في عيونهم حتى يفقدوا بصرهم لكي يتخلصوا منها، ومنهم من قطع سبابة اليد اليمنى أو قلع أسنانه أو بتر ذراعه، وأن مئات الفلاحين قد هربوا إلى سوريا فرارا من الجندية، وهو ما ذكره نوفل الطرابلسي.
وليس إبراهيم باشا بأقل من والده محمد علي باشا بالظلم والقتل بأهل مصر والشام والجزيرة العربية، وآخر أحوالهما (هو وأبوه) بعد الولاء للدولة العثمانية الانفصال عنها، ثم ضم سوريا معها، ثم محاربتهما للدنيا وزخارفها والنصر لأنفسهما! والله المستعان.
• الهوان:
«من وطن نفسه على أمر هان عليه».
تعليقات