760 دولار سعرًا عادلا لبرميل النفط- يكتب مُنذر ناصر
زاوية الكتابكتب ديسمبر 14, 2015, 9:23 ص 1736 مشاهدات 0
يكثر الحديث هذه الأيام عن السعر العادل لبرميل النفط ذلك مع تهاوي الأسعار منذ تموز/يوليو 2014م حيث هبطت بواقع ضعفين ونصف الضعف مقارنة بأسعار حزيران/يونيو من العام نفسه وهي مرشحة إلى مزيد من الهبوط. على كل حال لست هنا بصدد عد أسباب هذا الهبوط أو قراءة مستقبل الأسعار حيث أشبع هذا الموضوع مقالات ودراسات عديدة, لكنني أود الحديث عن السعر العادل لبرميل النفط. ترى دولة الكويت بأن 100 دولار سعرًا عادلًا للبرميل ذلك على لسان وزير النفط السابق السيد علي العمير في آذار/مارس 2014م, غير أنّها عادت وعلى لسان الشيخ محمد العبدالله للتأكيد بأن 80 إلى 100 دولار يعتبر سعرًا عادلًا أما مملكة البحرين فأكدت على أن 100 دولار يعتبر السعر العادل في حين ترى الإمارات بأن السعر العادل هو 80 دولارًا وقطر توافقها الرأي أيضًا, أمّا فنزويلا فتعتقد بأن 88 دولارًا هو السعر الأعدل في حين يطمح العراق إلى سعر 70 إلى 75 دولارًا للبرميل وإيران إلى 70 دولارًا, بينما ترى روسيا بأنه يجب أن يكون ما بين 50 و 70 دولارًا ...إلخ.
الهبوط الكارثي لأسعار النفط يكلف ميزانياتنا خسائر فادحة على حساب التنمية والتطوير, لهذا لابد من الخوض في موضوع السعر العادل لبرميل النفط وهنا نظريتي التي قد يخالفني فيها الكثير لكن على أية حال تبقى نظرية تنتظر النظريات الأخرى للوصول إلى القيمة الحقيقية لبرميل النفط العربي. النظرية قائمة على قيمة الدولار لعام 1970 فإذا ما عدنا إلى أسعار ما قبل 45 عامًا, أي إلى أسعار عام 1970م, نجد معدّل أسعار برميل النفط حينها كانت تبلغ 20 دولارًا فقط, لكن لم يكن الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون حينها قد فك ارتباط الدولار الأمريكي بالذهب حيث كانت أوقية 'أونصة' واحدة من الذهب تساوي حسب الاحتياطي الفدرالي الأمريكي 35 دولارًا. بكلمة أخرى كان بإمكان أي حامل لهذا المبلغ الذهاب إلى الاحتياطي الفدرالي وتحويله إلى أوقية واحدة من المعدن النفيس. كما هو معلوم تزن أوقية الذهب الواحدة 31.1 غرامًا ويعادل الدولار الأمريكي الواحد حينها 1.125 غرامًا من الذهب, بهذا المعنى كان برميل النفط في عام 1970م يساوي 22.5 غرامًا من الذهب.
يبلغ سعر أوقية الذهب 'اليوم' 1050 دولارًا ويبلغ الغرام الواحد من الذهب 33.75 دولارًا, أمّا معدّل أسعار النفط فهي 32 دولارًا ومرشحة إلى مزيد من التهاوي, لكن ما نتناساه دائمًا هو أن الدولار الأمريكي فقد اليوم جل قيمته بعد قرار نيكسون قطع ارتباط الدولار بالذهب في آب/أغسطس 1971م, وإذا ما أردنا معرفة القيمة الحقيقية لبرميل النفط مقابل 'الدولار الأمريكي لعام 1970' فإما أن نقبض 22.5 غرامًا من الذهب مقابل كل برميل يتم شحنه إلى الخارج أو أن نستلم مبلغ 760 دولارًا عن كل برميل بسعر الدولار الأمريكي الحالي. بكلمة أخرى يجب أن نستلم نفس قيمة برميل نفط عام 1970م الذي يعادل 22.5 غراماً من الذهب.
هذا كله لا يأخذ بعين الاعتبار أيضًا ارتفاع تكلفة استخراج النفط بعد أربعة عقود ونصف العقد, والاحتياطيات المؤكدة التي تتضاءل بينما احتياجات الأمم تتضاعف يوميًا, كما إن الشعوب المنتجة للنفط تطمح لمزيد من العدالة والسيادة والأمان الاجتماعي. باختصار ما تعرضت له الدول المصدّرة للنفط, خاصة الدول العربية والأفريقية عبارة عن أكبر احتيال مالي في التاريخ على مستوى الأمم, وهي خدعة القرنين العظمى حيث يباع البرميل اليوم بأقل من قيمته الفعلية بما يقارب العشرين ضعفًا, لهذا ولوقف هذا النهب الاستعماري الممنهج 'نحتاج إلى آلية جديدة تمامًا في تسعير برميل النفط تراعي مصالح الدول المنتجة قبل غيرها'.
ملاحظة – للمزيد عن موضوع القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي يرجى الرجوع إلى كتاب 'حروب العملات' من تأليف الخبير الاقتصادي جايمس ريكاردز.
تعليقات