كيف يكون دفاعنا وحماسنا عما نحبّه أو نجلّه أو نقدّسه ؟!.. يتسائل صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 569 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  -  أسوار حول اللغة

صالح الشايجي

 

إنّ ما نحبّه أو نجلّه أو نقدّسه، لا شكّ أننا بكل تأكيد نتحمس له ونذود وندافع عنه. ولكن كيف يكون دفاعنا وحماسنا؟!

إذا كان دفاعنا عنه عاطفيا غير عقلاني، فإن دفاعنا هذا وحماسنا ذاك، لا يزيدان في سوره لبنة واحدة، بل وكأننا بذلك الحماس غير الرشيد، ننطلق من فهم مهزوز وارتباط عاطفي بذلك المقدس أو ذلك المحبوب.

أسوق هذه المقدمة من أجل الحض على تبني الموقف السليم والصحيح الذي لا يشكو من عوج ولا هرج ولا مرج!

كتبت أن اللغة العربية لغة ناقصة وغير جميلة، ورغم موافقة البعض على ما قلت فإن آخرين تدشموا وتسلحوا وتجشموا عناء الرد الحماسي غير العقلاني، وهم ليسوا بأعلم مني بما رميت وصوبت.

عدتهم في ذلك، أن اللغة العربية، هي لغة القرآن، وبذلك فهي محصنة مقدسة منزهة عن النقد، والاقتراب من حوضها جريمة تصل حد الكفر والعياذ بالله!

هذا ما قصدته بالحماس غير العقلاني وغير المنطقي وربما الضار والذي ينطلق من مشاعر مهزوزة وفهم رخو، للقرآن أولا وللإسلام ثانيا.

القداسة لكلام الله، لا للغة العرب ـ والتي كتبت فيها إلى جانب ذلك الكلام المقدس ـ كفريات وزندقة وفجور ومجون.

اللغة لا تقدّس ولا تحصّن ولا تنزّه، وأيضا لا تُحدّد ولا تقام حولها الأسوار ولا يقوم على حراستها حرّاسٌ أشدّاءُ ذوو بأس شديد.

ثم إن كلام الله أجلّ من أن يربط بلغة هي عرضة للتغيير والتحوير والنمو والتمدد والتوسع، يتداولها السوقة والدهماء بألفاظ سوقية منفرة.

كان الأجدر بهم أن يكون حماسهم، واقعيا وعقلانيا كأن يقولون إن من معجزة القرآن أنه نزل بهذه اللغة الناقصة، ورغم ذلك جاء تاما كاملا متزنا.

هذا هو الحماس الحقيقي والعقلاني، حيث يحصر الحماس بالقرآن لا بالأداة (اللغة)، وهنا لا يضيع أجر المتحمسين، بل إنهم يزدادون أجرا.

ربما هم لا يعلمون أن اللغة العربية حين نزل القرآن لم تكن تعرف التنقيط ولا الهمزة، وإنما عرفتهما بعد ذلك على أيدي بعض المتأخرين المجتهدين.

وإن كانت القداسة للغة، فهل تكتسب اللغات التي يتم ترجمة القرآن إليها، القداسة أيضا؟!

تحمّسوا بعقل حتى يزداد إيمانكم الذي تكاد عواطفكم تهزه وتجعله موضع شك!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك