حكومتنا الرشيدة أتقنت لعبة 'ترويض الشعوب'.. هذا ما يراه حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 813 مشاهدات 0


الراي

من زاوية أخرى  -  'بطوا الجربة'.. وخلصونا!

د. حمد العصيدان

 

يبدو أن حكومتنا الرشيدة أتقنت لعبة «ترويض الشعوب» التي تنتهجها حكومات كبرى الدول عندما تريد فرض شيء على مواطنيها، على مبدأ «انشر الشائعة وتابعها وعززها وسخّر إعلامك لها حتى تصبح أمراً واقعاً عند الشعب»، وبالتالي يمر إقرارها مرور الكرام لأن الشعب قد تهيأ لها أحسن تهيؤ.

فقد أضحكتني كثيراً العبارة التي نشرتها الصحف يوم الأربعاء الماضي على لسان رئيس الوزراء والتي تقول «أي رسوم أو ضرائب لن تمس ذوي الدخل المحدود»، هذه العبارة التي ما فتئ يرددها مسؤولو الحكومة بدءًا من الرئيس مروراً بمعظم الوزراء، ولاسيما وزراء الإعلام والشؤون ومجلس الوزراء، وحتى وزير المالية الذي تُعنى وزارته بالقضية بشكل مباشر.

هذا إضافة إلى تهيئة الجو العام لكل ما تريد الحكومة إقراره ضمن حزمتها الاقتصادية التي تعتمد سياسة «شد الحزام»، هذا الحزام الذي «قطَّع بطون الناس» قبل ما تبدأ الحزمة التقشفية أو ترى النور. فكثيراً ما قرأنا تصريحاً لهذا الوزير أو ذاك أن دولة خليجية شقيقة قد رفعت الدعم عن المواد التموينية، أو دولة شقيقة أخرى رفعت أسعار البنزين، ودولة ثالثة ورابعة، وكل ذلك يأتي ضمن سياسة «ترويض الشعوب» التي أسلفنا شرحها.

وأعتقد اعتقاداً جازماً، وفق متابعتي الإعلامية للشأن السياسي المحلي، أن الحكومة قد حققت هدفها، وأصبح المواطن مهيأ تماماً لقبول زيادة أسعار الوقود، أو رفع الدعم عن المواد التموينية، فقد تمت تهيئته على خير وجه من خلال السياسة المذكورة، ولم يبقَ إلا التنفيذ!

وهنا أريد أن أعود إلى قضية عدم المساس بذوي الدخل المحدود، لأسأل حكومتنا الرشيدة، ماذا تقصد بذوي الدخل المحدود، هل هم الوافدون أم البدون؟ لا أعتقد ذلك فهؤلاء خارج التخطيط الخاص برفع الرسوم وفق المنظور الوطني للحكومة. إذاً من هم ذوو الدخل المحدود؟ وما هي شريحة ذوي الدخل غير المحدود؟ لا أظن أن الإجابة غائبة عن الطفل الصغير، ناهيك عن الرجل الكبير، فذوو الدخل المحدود وفق المتعارف عليه عالمياً هم المواطنون الذين يعيشون على راتبهم الشهري الذي يتقاضونه من الحكومة، وإزاء ذلك فإن أكثر من 90 في المئة من الشعب الكويتي هم ذوو دخل محدود، ولنا في أعداد الموظفين في الوزارات والهيئات والجهات الحكومية خير دليل على ذلك، أضف إلى ذلك ما صرح به مسؤولو هيئة القوى العاملة عن الأعداد الضئيلة للمواطنين في القطاع الخاص، ولا يبقى سوى فئة التجار الكبار أصحاب الشركات الكبرى هم المعنيون بأي رسوم أو ضرائب وفق النهج المعلن للحكومة.

والسؤال الذي يطرح نفسه وفي أكثر من جزئية، هل الحكومة قادرة على فرض رسوم حقيقية وبالمبالغ الكبيرة على الشركات الكبرى؟وهل لديها من الآلية ما يمكنها من إحصاء تلك الفئة المستهدفة في توجهها؟ وإذا كان الأمر ممكناً فلماذا كل هذا التأخير والأمر كان يفترض تطبيقه منذ زمن لاستفادة الدولة من الضرائب والرسوم الخاصة بتلك الشركات كما هو معمول في كل دول العالم؟

يبقى الأمر المتوقع والذي جرى التمهيد له بكل الوسائل، وهو رفع سعر البنزين، كما أعلن من قبل، وربما رفع الدعم عن بعض المواد التموينية، ليصبح ذوو الدخل المحدود في النهاية هم المستهدفون وقد «مسّتهم» تلك الإجراءات التي قيل إنها لن تمسهم.

وأمام هذا كله أدعو الحكومة لأن «تبط الجربة» وتفرض ما هي عازمة عليه، فقد طال التمهيد له، ولم يبقَ إلا الإعلان عنه حتى يرتاح المواطن، فوقوع الموت أرحم من انتظاره.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك