ليس من الواقعية توقع تعديل التركيبة السكانية خلال زمن قصير.. برأي عامر التميمي
زاوية الكتابكتب نوفمبر 27, 2015, 11:47 م 670 مشاهدات 0
القبس
رأي متخصص - معالجات مطلوبة لتعديل التركيبة السكانية
عامر ذياب التميمي
بعد ان نشرت احصاءات هيئة المعلومات المدنية، والتي بينت أن عدد سكان الكويت قد بلغ 4.2 ملايين نسمة، منهم 1.3 مليون كويتي، و 2.9 مليون غير كويتي، فقد ظهرت دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو الحكومة الى تعديل التركيبة السكانية في البلاد. ولا شك في ان هذه التركيبة تبدو مثيرة للقلق، حيث لا تتجاوز نسبة المواطنين 31 في المئة، في حين تصل نسبة الوافدين الى 69 في المئة. لكن كيف يمكن تعديل التركيبة السكانية في البلاد عندما تكون نسبة العمالة الوطنية في سوق العمل 17 في المئة فقط؟ اهم من ذلك ان جل العاملين الكويتيين يعملون لحساب الحكومة، سواء في دوائرها الحكومية او مؤسسات القطاع العام.. ثم ان هناك فائضا كبيرا في اعداد العمالة الوافدة نتيجة للانظمة المتعلقة بالاقامة، حيث يتم اعتماد نظام الكفيل الذي يوفر ثغرة مهمة لتوريد عمالة غير مطلوبة من اجل التكسب من اقامتها في البلاد، وهو ما يطلق عليه بتجارة البشر. هذا الأمر يتطلب معالجات حكومية وتشريعية واضحة لوضع حد له وترحيل من يقيم في البلاد بموجب هذه الأسس غير المشروعة. هناك، أيضاً ضرورة لوقف العمل بنظام الكفالة وتحديد أسس واضحة لاقامة الوافدين من خلال هيئة قوى العمالة. واذا كان الكويتيون، حتى الآن، لم يطوروا قدراتهم المهنية للتصدي والقيام بكل الوظائف والمهن والحرف التي تتطلبها استحقاقات إدارة الاقتصاد الوطني، فإن ذلك يعني اهمية معالجة اختلالات النظام التعليمي، وإصلاح آلياته وتاكيد اهمية تطوير التعليم المهني.
من جانب آخر، اوجد النظام الاقتصادي الريعي منظومة قيم تتمثل بالاعتماد على الوافدين لإنجاز مختلف الاعمال والانشطة، بما في ذلك الأعمال البسيطة. ومن اهم المظاهر ذات الصلة في هذا الأمر العدد الكبير من العمالة المنزلية التي تمثل اكثر من 600 الف وافد ووافدة يشكلون 14 في المئة من اجمالي السكان، و21 في المئة من الوافدين في البلاد. وغني عن البيان ان هناك امكانات لترشيد هذه العمالة المنزلية وتخفيض اعدادها من خلال قوانين ملائمة.. وربما يوفر تراجع اسعار النفط وانخفاض الايرادات السيادية المتأتية من مبيعات النفط الحوافز المناسبة للحكومة لترشيد السياسات المالية، واعادة النظر بشانها، بما يمكن من دفع المواطنين للعمل في مؤسسات القطاع الخاص، ومن ثم تقليص الاحتياجات للعمالة الوافدة. لا شك في ان مثل هذه السياسات تتطلب، ايضاً اعادة النظر بالرواتب والاجور التي تدفعها مؤسسات القطاع الخاص للعاملين لديها بما يجذب العمالة الوطنية.. يمكن ان تقوم الحكومة والقطاع الخاص بتطوير التقنيات المستخدمة في الاعمال والانشطة بما يرفع من مستوى التكنولوجيا ويعزز الابتكار والتطوير، ويرتقي بالطلب على العمالة الماهرة.
ليس من الواقعية ان نتوقع ان تتعدل التركيبة السكانية خلال زمن قصير، ولكن يمكن ان يوضع حد لزيادة اعداد الوافدين، وتبني سياسات تهدف الى التدرج في رفع مساهمة العمالة الوطنية في القطاع الخاص، وكذلك تبني برامج تعليم عصرية تساهم في توفير العمالة الوطنية المدربة والمؤهلة. كذلك يجب دفع المجتمع لتبني منظومة قيم ملائمة تؤثر العمل والانتاجية والتحرر من الاتكالية.
تعليقات