الإنسان العربي بوجهة نظر محمد الشيباني تاه عقله وتشتَّت فكره وكثرت أحزانه
زاوية الكتابكتب نوفمبر 20, 2015, 11:40 م 536 مشاهدات 0
القبس
أحزاننا متراكبة..!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
الإنسان العربي تاه عقله، وتشتَّت فكره، وكثرت أحزانه، لا يدري إلى أي أمر ينتبه ويركّ.ز عليه ويأخذ بمجامعه ولبّه، أهو كثرة القتلى من الكبار والصغار والنساء والرجال، أم العمار الذي دُمّر عن بكرته، أم أمواله التي ضاعت في أيام نحسات، أم الساسة الذين لعبت بهم أهواؤهم واشتروا بثمن بخس نظير السكوت ومرور العبث بأوطانهم، أم هي أموال الناس التي أخذت من البنوك المؤسسات أو جمدت أو رحلت إلى أوطان غير أوطانها نهباً؟!
أم تراث الحضارات الإنسانية والإسلام الكائن في الدور والمتاحف والجامعات والممتلكات العامة وفي باطن الأرض وخزائن بعض الرؤساء والأمراء والأعيان الذي سرق؟!
وأشد ذلك علينا عند سقوط بغداد، كيف أتلف الرعاع والسراق المتاحف وكانت فيها آثار كل الحضارات التي حطت على الأرض من بابلية وغيرها ومقتنيات نمرود وما بعده وحضارة الإسلام رحلوها كلها؟! فإذا أبيحت الأوطان فما دون ذلك سهل ميسّر هيّن على من يأخذه، وكما قيل «فما لجرح بميت إيلام»، لو تقطّع جزء منه أو أجزاء منه أو كله فلن يتحرك أو يتألم!
لقد أخذ الغرب، وما زال يأخذ، بل قل نهب ورحل إلى أوطانه، منذ القرن التاسع عشر تراثنا، لقد أخذوا ما أتقنته وأبقته صنع أيدي أهل المدنيات القديمة، وقد دخل معهم وما زال على الخط إسرائيل اليوم، وقد غصت خزائنها بتراث الإنسانية من العراق وسوريا، وتفرغ له، وفق ما وصل إليّ من أنباء، مما يعجز الإسرائيليون عن جرده وفهرسته سنوات طويلة.
بعثاتهم الآثارية منذ أزمان بعيدة وهي تنقل هذه الآثار، منهم من أرجعها بعد المطالبات بها، ومنهم من اشتراها، ومنهم من لم يرع سمعاً لأحد!
يحزنني ويحزن الكثير من أهل الآثار، ولا أعني بهم باعة الأنتيك ممن يبحثون عن المال بمختلف صوره حتى لو كان تاريخ أوطانهم وأهلهم، وإنما عنيت حزن العلماء في كل العالم من الذين تألموا لما فعلته جيوش أميركا وبريطانيا والغرب عندما دخلوا العراق وأفسدوا كل شيء فيه ومنه الآثار وسرقتها، واليوم تتكرر تلك الكارثة في سوريا، وستتكرر في غيرها من الديار العربية والإسلامية إن استمرت الحال على ذلك. والله المستعان.
• بدعة من الزمان:
الرسالة الإسلامية وصلت إلى أصقاع بعيدة من هذه البسيطة وانتفع بها خلق كبير، لم نقرأ في كتب التاريخ والسير أن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ورضي عنهم، أنهم حطموا الآثار الفرعونية أو البابلية أو البوذية أو اليهودية والنصرانية، وما زالت هذه الآثار باقية في الدول التي نزلت جحافلهم فيها، فما لهؤلاء القوم من «داعش» وكثير من أمثالهم لا يفقهون حديثا بما فعلوا في الآثار ما فعلوا؟!
تعليقات