أحمد الخطيب متسائلاً: كيف أصبح المسرح مصدراً للتفاهات والإسفاف ؟!

زاوية الكتاب

كتب 814 مشاهدات 0


الأنباء

القصد  -  المسرح

أحمد طاهر الخطيب

 

المسرح.. ذاك الصرح المهيب الذي كان سببا في ثقافة الأمم ونهضتها، كيف أصبح مكانا ومصدرا للتفاهات والإسفاف والسقوط في الطرح؟

في سنة 1979 ذهبت أنا وأختي الكبرى ونسيبي إلى مسرحية «حرم سعادة الوزير» وكانت على ما اعتقد تعرض على مسرح كيفان، كان عمري وقتها 16 سنة ولا أدري لماذا كان ينتابني شعور بالرهبة كلما دخلت المسرح؟ في الحقيقة لفت انتباهي شكل الحضور ولباسهم، فكانت النساء في غاية أناقتهن بينما كان بعض الرجال يحملون البشت على أيديهم كنوع من الوجاهة، وكان الجو العام مشابها لحفل كبير أو عرس أو ما شابه، كانت طريقة الحديث بصالة المسرح تتسم بالهدوء والهمس وكانت أغلب الحوارات عبارة عن تحية وسلام متبادل بين الحضور، ولا أتذكر أني سمعت صياحا لطفل واحد في المسرح على الإطلاق، وأتذكر أنه كان يمنع جلب بعض أنواع الأكل التي قد تتسبب في ازعاج الجمهور المتابع للمسرحية، بل كان من العيب آنذاك الأكل داخل المسرح.

رفعت الستارة وساد الصمت المسرح إلا من صوت الفنانين الكبار الذين أتذكر منهم الأستاذة حياة الفهد، الكبير سعد الفرج والراحل غانم الصالح والراحل النفيسي والراحل كاظم القلاف والفنان محمد حسن.

كانت المسرحية سياسية اجتماعية بقالب كوميدي راق، وكاد المسرح يشتعل بسبب حركة الفنانين على خشبته، وكان الجمهور يضحك على «القفشات» التي أبدع فيها كل الفنانين وخاصة الراحل خالد النفيسي، لم يكن هناك إسفاف ولم تكن هناك حاجة لتعليقات سخيفة لأسباب أهمها أن موضوع المسرحية كان موضوعا هادفا وبناء ويطرح قضية جادة، وثانيا فإن طاقم العمل كان من المبدعين إخراجا وأداء، وثالثا والأهم أن لهؤلاء الفنانين الكبار القدرة على انتزاع الضحكة دون الحاجة إلى الانحدار في استخدام ألفاظ بذيئة أو حركات بهلوانية بعيدة كل البعد عن فكرة الموضوع وأهدافه احتراما منهم للجمهور أولا وثانيا احتراما لأنفسهم، ولا نحتاج أن نذكر بأن جمهور ذاك الزمان كان مختلفا تماما عن جمهور اليوم.

القصد.. الكلام يطول في تاريخ هذا القطاع الفني المهم والخطير في آن، ولا أقصد في هذا المقال أن أقارن بين الأعمال الفنية للمسرح في السابق والأعمال الحالية إن صح تسمية الأخيرة بالأعمال الفنية، فشتان بين هذا وذاك، إنما آثرت أن أترك للقارئ والمتابع للفن أن يقيّم المسيرة الفنية ليشهد بنفسه التغير الكبير في الأهداف المرجوة ما بين ثقافة فنية راقية وهادفة، وبين ثقافة مادية بحتة. لاشك ان هناك خللا ليس بالهين انعكس على جيل كامل من أبنائنا وقد بدأ هذا الخلل يظهر بشكل واضح وخطير!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك