الإرهاب يتلون كالحرباء ولا يمكن التعامل معه بمنطق أمني صرف.. هذا ما يراه رياض الصانع
زاوية الكتابكتب نوفمبر 16, 2015, 11:35 م 533 مشاهدات 0
الأنباء
مركز رياض - فرنسا والإرهاب
رياض الصانع
بداية احب ان اقدم التعازي القلبية الصادقة للشعب الفرنسي في مصابهم الجلل، هذا الحادث الإرهابي الذي زعزع القيم الإنسانية، حيث شهد بلد النور ومسقط رأس القانون المدني والاجتهادات التاريخية في مجال الحقوق والحريات اعتداءات ارهابية وحشية استهدفت المواطنين العاديين في الأماكن المزدحمة، ما بين مطعم ومسرح وملعب، حيث خيم الإرهاب بظله الكريه على مشهد الأبرياء ليبرهن مرة أخرى عن جبنه وانحطاط أساليبه في الترويع والتفنن في القتل والتدمير.
وفيما لاتزال التحقيقات جارية من اجل تحديد هوية منفذي تلك الهجمات، فالشبهات القوية تحوم حول تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، حيث بادر أنصاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي بنشر وتداول هجمات باريس، كما زعم اغلبهم ان الهجمات جاءت انتقاما من التدخل الفرنسي العسكري في سورية، وتعتبر هذه الهجمات الأكثر دموية في تاريخ البلاد وربما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن الأكيد ان هذا الحادث الإرهابي سوف يثير جدلا واسعا على مستوى الموازنة ما بين الحرب وضمان الأمن ومسألة استقبال اللاجئين، والعلاقات الخارجية الفرنسية.
فما شهدته باريس قد فاق التصور والخيال وحاكى الرعب وقصر النظر والانتقام، حيث كانت ليلة مظلمة غابت فيها القيم لتحل محلها قيم الإرهاب، فكانت النتيجة وفاة اكثر من مائة واربعين قتيلا حسب آخر المعطيات المتوافرة، ليشكل هذا الحادث علامة فارقة في آليات التعاطي مع الإرهاب، فكل البلدان الديموقراطية مستهدفة، وكل العقول النيرة مستهدفة، وكل معارض لفكر التطرف هو ضحية محتملة، وقد لا يكون بعيدا عن الصواب ان نزوح اللاجئين بأفواج غير مسبوقة قد سهل اندماج متطرفين معهم، او برجوع الأوروبيين المقاتلين في صفوف «داعش» الى موطنهم، او غيرها من السيناريوهات التي سوف تظل عالقة لغاية الوصول الى حقيقة الفاعلين الحقيقيين، كل هذا يؤكد حقيقة واحدة مفادها ان الإرهاب يتلون كالحرباء، فلا يمكن التعامل معه بمنطق أمني صرف بل يجب إقرار مقاربة تشاركية فعالة قوامها تبادل المعلومات مع دول العالم ككل ومراقبة الرسائل بالإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي، فحياة البشر أغلى من أي انتهاك للخصوصية لأن الإرهابيين يستفيدون من معطيات وقوانين حقوق الإنسان لقتل لإنسان، وعاشت الإنسانية صامدة في وجه الظلامية والرجعية وظلت فرنسا بلد الأنوار وباريس عاصمة الرقي والتضامن والاخاء.
تعليقات