الوعود اللفظية لا تبني ولا تعزز التنمية التي تتطلع لها العامة.. بوجهة نظر تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 837 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  الوعود اللفظية.. لا تبني !

د. تركي العازمي

 

الوفاء بالوعد من الأخلاق الإسلامية والصفات المحمودة التي حثنا عليها الإسلام٬ ونحن مجتمع مسلم بالفطرة٬ وقد قال الله تعالى عن إسماعيل عليه السلام «واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد...»٬ وفي المقابل حذرنا الله من إخلاف الوعد وبين انه من صفات المنافقين٬ فقد جاء في الحديث الشريف المتفق عليه٬ ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال «آية المنافق ثلاث: إذا وعد أخلف٬ وإذا حدث كذب٬ وإذا اؤتمن خان».

وأنا على المستوى الاجتماعي أرى أننا أسرفنا في الوعود «اللفظية» التي لا تبني ولا تعزز التنمية التي تتطلع لها العامة وهنا أعني «البسطاء ممن لا واسطة لديه» وقد تم تلوين صفة الكذب وإخلاف الوعد بعبارة «كذبة بيضاء»... والكذبة تبقى كذبة وإن تم تلوينها.

أعجبتني قصة نقلها الصديق أبو يوسف وهو دكتور محترم أنقلها كما وصلتني «رجع الملك إلى قصره في ليلة شديدة البرودة ورأى حارساً عجوزاً واقفاً بملابس رقيقة٬ فاقترب منه الملك وسأله: ألا تشعر بالبرد؟

فرد الحارس: نعم أشعر بالبرد٬ ولكني لا أمتلك لباساً دافئاً. فقال له الملك: سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس دافئ... وفرح الحارس بوعد الملك ولكن ما أن دخل الملك قصره حتى نسي وعده.

وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف: «أيها الملك٬ كنت أتحمل البرد كل ليلة صامداً٬ ولكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب مني قوتي وقتلني»، (انتهى الاقتباس).

نفهم من هذه القصة قيمة الوعد الذي نقطعه على أنفسنا من جانب شرعي واجتماعي... فحتى نقل الكلام يعد جزءاً من وعدك مع ذاتك بأن تصدق القول فإن قمت في نقله بطريقة مختلفة عن المضمون فهو يندرج تلقائياً تحت مظلة القول الكذب وإن زينت لك نفسك ذلك وبالتالي تجد نفسك منافقاً من حيث لا تعلم.

الوعود «اللفظية»... تكثر بين أحبتنا لكن عندما نبحث عن الفعل الذي يترجم الأقوال لا نجد له أثراً.

وخلاصة القول٬ أرى حسب التركيبة الاجتماعية ذات التراكمات السلوكية السيئة٬ ان الحاجة إلى بناء المسؤولية الاجتماعية على نفس النحو المتبع في المؤسسات المحترمة والتي يطلق عليها:

Corporate Social Responsibility

كي يلتزم بها النشء٬ الفرد٬ العائلة٬ الكتلة٬ التجمع٬ الكتل النقابية، الفئة... والقياديون من دون استثناء.

من هنا نستطيع أن نصنع مجتمعاً خالياً من الكذب... مجتمعاً تتحقق فيه وعود أعضائه بمن فيهم ممثلو الأمة النواب الذين قيل ان بعضهم «يلحس وعوده» يعني يخلف الوعد.

لا حاجة للكذب...«وليش تكذب» من الأساس!

يقول زميل مخضرم: «يا بو عبدالله... صحيح ما ذكرت لكن (ربعنا) لا يرغبون سماع قول الحق بشكل مباشر... و...»!

أنا ما زلت وسأظل ملتزماً بوعد قطعته على نفسي بأن أنقل الحقيقة من دون «بهارات» ويبقى الأمر للقارئ والقارئة فلهما الحكم على مضمون قولي.

لننتظر قليلاً... فالوعود التي تظهر لنا كثيرة سواء في تخصيص مستشفى خاص بالكويتيين ٬ مكافحة تجار الإقامات والشركات الوهمية٬ التأمين الصحي٬ مدن العزاب٬ مدينة الحرير٬ محاسبة الفاسدين ومحاربة الواسطة وغيرها من الوعود اللفظية فإن تحققت فسنقول شكرا... وإن لم تتحقق فسنكتفي بما نختم به المقال... الله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك