لا يوجد أسوأ من أن تكون مخادعا لنفسك!.. برأي أروى الوقيان

زاوية الكتاب

كتب 772 مشاهدات 0


الجريدة

منظور آخر  /  تعرف معي على فضولي

أروى الوقيان

 

أنا من الجيل الذي تربى على مجلة ماجد للأطفال، وأظنها كانت علامة فارقة لجيلنا بأكمله، فما زلنا رغم ذاكرتنا الضعيفة نتذكر شخصياتها، وأهمها 'فضولي' ذلك الموجود في كل صورة، وعليك اكتشاف أين يكمن هذه المرة،
ومع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي وجدنا 'فضولياً' من نوع آخر، يتسم بكثير من الوقاحة، سأسرد لكم نبذة سريعة عنه.
هو كائن خليجي وأحيانا عربي، يتدخل دوما فيما لا يعنيه، لغته الأم في الحوار هي السبّ، فعلى سبيل المثال لو شاهد صور شلال تجده سيقول لعنكم الله، ولديه قدرة فظيعة على ربط أي موضوع بالطائفية، وإن كانت صورة مطارة شاي مثلا فسيجعل الموضوع مؤامرة، ويبدأ بعدها كل فريق بسب جنس الآخر ودينه ومذهبه.
هذا الفضولي نفسه تجده يحفز على القوانين التي تمنع المرأة من القيادة، ويتخذ من أي موضوع حواراً ليمارس فيه دور حضرة المفتي الذي يحرّم ويحلل، وبعدها بقليل بعد أن يخمد الموضوع، تجده يبحث عن الفتيات مرسلا عبارات التوسل المعروفة 'لا هنت أبغى أكلمك على الخاص يالغلا'، الغريب أن هذه الغلا هي نفسها من شتمها منذ قليل، وحسم موضوعها بأنه يجب عزلها عن التكنولوجيا، ويفضل أن تحتجز في سجن انفرادي تحت رقابة العائلة.
مدعو الفضيلة والتقوى والبر والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر كثروا كثيرا في وسائل التواصل الاجتماعي، وهم أنفسهم من يقومون بإرسال صور خليعة لهم عبر ذات الوسائل، والفارق أنه حين يدعي الفضيلة يضع صورته الحقيقية، وحين يتعرى يضع اسماً وهمياً وصورة وهمية.
المشكلة لا تكمن فقط في ممارسة هذه الازدواجية وبشكل مبارك من مجتمع متناقض وغريب، المشكلة تكمن في كيفية احترامه لنفسه بعد كل هذا اللغط؟
لا يوجد أسوأ من أن تكون معاييرك مزدوجة ومخادعا لنفسك، فاحترام الذات هو حجر الأساس لتكون إنساناً أفضل، لذا تجد دوما هذا الفضولي في حالة غضب وكراهية يفرغها تحت صور ناس لا يعرفهم، وأحيانا لا يتكلمون حتى العربية، لأنه حقيقة يكره نفسه المريضة بادعاء شيء لا يملكه.
عزيزي الفضولي، أنت كائن غير مرحب بك، وعالمياً بتّ معروفا بخلقك السيئ ولسانك البذيء؛ لذا فأنت فعلياً غير محترم، فاختصر المسافة و'انقلع' حسب لهجتك من هذا العالم الافتراضي الذي تدعي فيه مثالية لا تملكها ووقاحة تتسم بها.

قفلة:
لو فرض قانون مثلا على أن يحبس جميع من يسب ويقذف ويكون اسمه 'المزيون' أو'مدريدي وافتخر' أو 'قاهرة النساء'، لأصبح نصف الشعب في السجون، فعليا لست أمزح، حرروا أنفسكم من أمراضها النفسية لتتحرروا من قيود الكراهية.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك