الحياد الإيجابي ليس ضُعفاً!.. برأي خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 679 مشاهدات 0


السياسة الحياد الإيجابي زين د. خالد عايد الجنفاوي وفق الطبيعة المتغيرة لعالم اليوم ونظراً لتعقد ماهية العلاقات الإنسانية وتشويه بعض الساعين خلف مصالحهم الضيقة للحقيقة بل وتحريفهم لصفاتها الجوهرية بغية تحقيق بعض أجنداتهم الخفية, حري بالإنسان السوي التزام الحياد الإيجابي تجاه الصراعات الشخصانية بين الآخرين, فالإنسان العاقل لا يميل إلى طرف معين, وخصوصا إذا كانت الأطراف المعنية في الخفاء والعلن تتصارع فيما بينها على أمور ومصالح لا علاقة للإنسان السوي بها. يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا” (الحجرات 9). عندما يصر أحد الأطراف على احتكار الصواب والحقيقة, ويحاول تشويه سمعة طرف آخر يختلف معه في ميوله وأفكاره وانطباعاته الشخصية حول بعض ما يجري في عالم اليوم, فجدير بالإنسان السوي والمسالم والمتسامح محاولة إصلاح ذات البين وتذكير المتنازعين حول ما بينهما من قرابة أو نسب أو جيرة أو صداقة أو أهداف أخلاقية وروحية مشتركة. الإنسان السلمي والمسالم سيحاول باستمرار إصلاح العلاقات التي ساءت لأي سبب من الأسباب, وسينجح في مهمته إذا حافظ على حياده الإيجابي, مستحضراً قول المولى عز وجل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المائدة 8). يحرص الإنسان السوي والمسالم على تكريس مبادئ التسامح والألفة والمحبة والتفاهم الإيجابي حوله. وبالطبع, لن يُنقص من شأن الإنسان الرزين والعقلاني دوامه على دعوة الآخرين للتوافق فيما بينهم, بل سيبقى الإنسان المحايد بشكل إيجابي نبراساً وقدوة أخلاقية لمن هم حوله, فبدلاً من تجشمه الإفراط العاطفي أو وقوعه ضحية لفخاخ بعض الشعارات الرنانة والمفبركة, يترفع الإنسان السوي عن المصالح الضيقة, فهدفه الأول والأخير هو الاصلاح بين من يهمه أمرهم, أو من لا يجد بداً من التدخل الإيجابي بينهم. الحياد الإيجابي ليس ضُعفاً, بل يمثل القوة الحقيقية التي يتمتع بها الإنسان العقلاني في عالم متغير, أو وسط أي بيئة تكاد تمتلئ بالخطابات السلبية والعواطف المتفجرة والانطباعات المشوهة. المُحايد الايجابي في عالم اليوم هو من سيرى الضوء في آخر النفق, وهو من لن تغشى بصيرته ولن تشوش على سمعه كل أنواع المؤثرات السينمائية الخاصة والضجيج المفتعل. الحياد الإيجابي زين ومناسب في كل وقت وظرف حتى تهدأ الزوبعة في الفنجان.
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك