(كتالونيا) تخوض انتخاباتها الإقليمية غدا
عربي و دوليفي حدث تاريخي سيحدد علاقتها بإسبانيا
سبتمبر 26, 2015, 12:28 م 2111 مشاهدات 0
يقبل إقليم (كتالونيا) الاسباني على انتخاباته الإقليمية غدا في حدث تاريخي سيعيد ترتيب علاقته بالدولة الاسبانية في ضوء تصاعد التأييد للحركات الانفصالية في أجواء من التوتر والترقب فرضها النزاع المفتوح منذ سنوات مع حكومة مدريد.
ويحق لنحو 4ر5 مليون ناخب كتالوني اختيار نواب البرلمان الكتالوني الإقليمي ال135 في انتخابات يراها الانفصاليون تصويتا على شكل استفتاء للانفصال عن اسبانيا والمضي قدما نحو دولة ذات سيادة في حين تؤكد حكومة مدريد انها انتخابات برلمانية ستتمخض عن اختيار رئيس جديد للاقليم 'وليس أي شيء آخر'. وتعتزم القوى الانفصالية في حال فوزها بأغلبية 68 مقعدا في برلمان (كتالونيا) طرح ما أطلقت عليه 'خارطة طريق' للانفصال عن إسبانيا في غضون 18 شهرا عبر اعلان الاستقلال عن إسبانيا وانشاء مؤسسات حكومية ووضع دستور جديد وتنظيم انتخابات تشريعية.
لكن الحكومة المركزية ترفض ذلك السيناريو رفضا تاما مرتكزة إلى الدستور الاسباني والسيادة الاسبانية وعلى رأسها رئيس الوزراء ماريانو راخوي الذي أكد مرارا انه لن يسمح بتفكيك إسبانيا أو اخراج عملية التعافي الاقتصادي عن مسيرتها في حين لوح وزير الدفاع بيدرو مورينيس باحتمال تدخل الجيش لوضع حد للمغامرة الانفصالية تماشيا مع البند 155 من الدستور الاسباني الذي يخول للحكومة هذا الدور لمنع حكومات الحكم الذاتي من الانفصال.
من جهة أخرى تحث الحكومة الاسبانية الخطى للمصادقة خلال الأيام المقبلة على تعديل القانون العضوي الخاص بالمحكمة الدستورية الاسبانية لمنحها سلطة تعليق مهام رئيس حكومة إقليم ما وفرض غرامات مالية على المواطنين أو السلطات أو الموظفين وفق ما تراه مناسبا وتعتمد الحكومة الشعبية المحافظة في ذلك على تمتعها بالأغلبية الساحقة في البرلمان الاسباني للموافقة على تعديل القانون الذي تؤكد انه يأتي 'لتعزيز سيادة آليات القانون' فحسب.
وتناشد الحكومة الاسبانية المركزية والأحزاب المعارضة لاستقلال (كتالونيا) عن إسبانيا مشاعر الانتماء لإسبانيا والمشروع الأوروبي في حملاتها الانتخابية المليئة بالتهديد والوعيد بالخروج المحتم من الاتحاد الأوروبي وفقدان مزايا العملة الموحدة وحرية التنقل مرورا بالجدل حول فقدان الجنسية الاسبانية والشكوك حول تسديد المعاشات التقاعدية وصولا إلى اغلاق البنوك في (كتالونيا) ومعاناة الإقليم من انهيار اقتصادي ومستويات بطالة قياسية.
ويعد سيناريو الخروج من المشروع الأوروبي الموحد من أبرز قضايا الانفصال المثيرة للجدل حيث تؤكد حكومة راخوي ان انفصال (كتالونيا) عن إسبانيا يعني بالضرورة خروج اسبانيا من الاتحاد الأوروبي وهو أمر أيدته المفوضية الأوروبية في حين شدد زعماء أوروبيون على أهمية مبدأ الوحدة الوطنية والإقليمية.
وكان آخر أولئك رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون خلال زيارته لإسبانيا مطلع الشهر الجاري حيث لفت في مؤتمر صحافي مشترك مع راخوي إلى انه سيتعين على (كتالونيا) الوقوف في طابور الدول المرشحة لدخول الاتحاد وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من تأكيد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عقب اجتماع مع راخوي في برلين ان 'المعاهدات الأوروبية تلزمنا بضمان سلامة وسيادة جميع الدول الأعضاء'.
من جانبه اكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اجتماع مع الملك الاسباني فيليبي السادس بواشنطن في 16 سبتمبر الجاري التزام بلاده بالحفاظ على العلاقات مع إسبانيا كدولة 'قوية وموحدة' في إشارة إلى الهواجس الانفصالية الكتالونية دون ذكرها بشكل مباشر وكل ذلك في وقت تتصاعد أصوات كتالونية مؤكدة أن دولا كثيرة تزدهر أيضا خارج نطاق الاتحاد الأوروبي.
وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة ان الأحزاب الانفصالية في إقليم (كتالونيا) الإسباني تنحو للفوز بأغلبية في البرلمان الإقليمي إذ يظهر استطلاع أجراه مركز البحوث الاجتماعية الاسباني ان ائتلاف (معا من أجل نعم) أو (جونتس بيل سي) بالكتالونية سيحظى بنحو 61 مقعدا في البرلمان الاسباني في حين سيحصل (مرشح الوحدة الشعبية) على ثمانية مقاعد وهو تحالف سيعطي الجهتين معا أغلبية مطلقة ب 68 أو 69 مقعدا.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها الصحف ذات الانتشار الواسع مثل (الباييس) أن (معا من أجل نعم) سيحظى ب66-67 نائبا على الأقل في حين سيحصل (مرشح الوحدة الشعبية) على 10-11 نائبا بينما قال استطلاع صحيفة (الموندو) انهما سيحظيان معا ب70 مقعدا على أقل تقدير وذلك على غرار معظم استطلاعات الرأي التي تمنح الجهتين أغلبية مطلقة (68 مقعدا) في البرلمان.
ورغم ذلك الانتصار الواضح الذي تمنحه الاستطلاعات للقوى الانفصالية فإن الواقع يشير إلى ان كثيرين من أبناء (كتالونيا) لا يؤيدون في الواقع خيار الانفصال عن إسبانيا وإنما يودون التعبير عن سخطهم إزاء سياسات الحكومة المركزية ورفضهم لها ومطالبتهم بمعاملة أكثر انفتاحا مع (كتالونيا).
وفي هذا السياق تشير الاستطلاعات الى ان واحدا من كل ثلاثة ناخبين لا يريدون الاستقلال عن إسبانيا وإنما إقحام الحكومة الاسبانية في مفاوضات للحصول على تنازلات لا سيما في المجال الضريبي كل ذلك في دوامة ستستمر بلا شك لغاية الانتخابات العامة في شهر ديسمبر المقبل والتي من المتوقع ان تتفاوض عقبها الأحزاب السياسية على اصلاح الدستور الاسباني وتعديل النظام المالي لاستيعاب مصالح (كتالونيا).
وسيكون ذلك على الأرجح المخرج الطبيعي للازمة الانفصالية واستعادة ثقة وولاء الكتالونيين والحفاظ على وحدة إسبانيا ووقف نزوح الرأي العام الكتالوني نحو تأييد المطالب الانفصالية كرد فعل على انغلاق حكومة مدريد على نفسها ورفضها الاستماع لمطالب الشعب الكتالوني الذي يعد نفسه أمة متكاملة لها لغتها وحدودها وتاريخها المنفصل عن إسبانيا.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة (الباييس) الاسبانية دراسة أجرتها مؤسسة (متروسكوبيا) للدراسات الاجتماعية أظهرت ان اثنين من كل ثلاثة مواطنين كتالونيين يؤيدون التفاوض مع الدولة الإسبانية في حين أعرب 42 بالمئة منهم عن تأييده إنشاء علاقة جديدة مع إسبانيا تحمي صلاحيات كتالونيا.
بدوره يؤكد رئيس حكومة (كتالونيا) أرتور ماس الذي أعلن في يناير الماضي تقديم الانتخابات الاقليمية في المنطقة بعد ان كانت مقررة في نهاية العام المقبل ان الحل الوحيد لوقف العملية الانفصالية هو الموافقة على إجراء استفتاء ملزم على غرار استفتاء اسكتلندا 2014.
وتشارك في الانتخابات ثلاث طوائف من القوى السياسية أولاها تلك المطالبة بالانفصال عن إسبانيا وهي ائتلاف (جونتس بل سي) وتنظيم (مرشح الوحدة الشعبية) وتلك المؤيدة لإجراء استفتاء شعبي وتضم الائتلاف اليساري (كتالونيا نعم نستطيع) أو (كتالونيا سي سي بويدي) بالإسبانية و(يونيو) اي (الاتحاد) والثالثة المعارضة للانفصال وتضم أكبر حزبين اسبانيين وهما الحزب الشعبي الكتالوني المحافظ والحزب الاشتراكي الكتالوني إلى جانب الحزب الليبرالي المحافظ (ثيودادنس) أو (المواطنون) الليبرالي المحافظ.
وكان مئات الالاف من الكتالونيين خرجوا في اليوم الوطني لكتالونيا (ديادا) في 11 سبتمبر الجاري واحتشدوا في شوارع مختلف المدن الكتالونية تعبيرا عن تأييدهم للانفصال عن إسبانيا وتشكيل دولة مستقلة الأمر الذي حاز على اهتمام كبير على المستويين المحلي والإقليمي.
لا شك أن انفصال (كتالونيا) عن إسبانيا أمر معقد من الناحية القانونية لكن هذه الانتخابات التي من المتوقع ان تشهد مشاركة تاريخية قد تكون بمثابة فتح باب عهد جديد للتفاوض مع إسبانيا وليس لقطع الصلات بها وفرصة لإعادة هيكلة العلاقة بين الطرفين في عملية لن تكون سهلة.
يذكر ان إقليم (كتالونيا) الواقع شمال شرقي إسبانيا والبالغ عدد سكانه 5ر7 مليون نسمة يمتد على مساحة 32 ألف كيلومتر مربع وينقسم إلى أربع محافظات هي (برشلونة) و(تاراجونا) و(جيرونا) و(ييدا) ويبلغ طول ساحله المطل على البحر الأبيض المتوسط 850 كيلومترا ويولد 8ر18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا.
تعليقات