المال وحده لا يشتري التعليم الجيد!.. هذا ما يراه ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 737 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  التعليم في دول الرفاه

ناصر المطيري

 

يعتبر التعليم احد مرتكزات الأمن الوطني في الدول المتقدمة فمن خلال التعليم يتحدد مستوى الدولة ومكانتها بين دول العالم، لأن التقدم في نظام التعليم يعني التقدم في كل مسارات الحياة، ورغم ان تقارير البنك الدولي واليونيسكو تشير الى ان الدول العربية تنفق على التعليم مبالغ لا تقل -بل ربما تزيد في بعض الأحيان- عن التي تنفقها الولايات المتحدة وكندا او دول اوروبا واليابان الا ان الغرب ينهض بينما العرب يتراجعون، وعلى سبيل المقارنة فان ما تنفقه الولايات المتحدة الأميركية على التعليم يصل الى 5.5% من الناتج القومي الأميركي، في الوقت الذي تصل فيه نسبة الانفاق على التعليم في الدول العربية الى 5.8% من الناتج القومي.
ودولة مثل المغرب تنفق ربع ميزانيتها على التعليم كما تنفق الجزائر 30% من ميزانيتها على التعليم، بينما تنفق مصر على كل 1000 طالب اكثر مما تنفقه الولايات المتحدة على نفس العدد، اما السعودية والكويت وباقي دول الخليج فتعد من اكبر دول العالم انفاقاً على التعليم ومع ذلك فهناك تراجع واضح في نظام التعليم في العالم العربي ادى الى نسبة عالية من البطالة بين الخريجين من المغرب الى الخليج. ويكفي ان نعلم انه على سبيل المثال لا الحصر، فان في مصر ربع مليون حامل للدبلوم عاطلين عن العمل، اما مهنة المحاماة فرغم انها من المهن المميزة وذات الدخل المرموق، فان عدد المحامين العاطلين عن العمل في المملكة المغربية يكفي لسداد طلبات هذه المهنة هناك لخمسين عاماً قادمة، اما في الجزائر فان عدد الاداريين العاطلين فيها عن العمل يكفي لادارة عشر دول حسب ما تشير الاحصائيات.
أما مجالات المهارات والتكنولوجيا فان اصحابها يجدون ملجأهم دائماً في الدول الغربية، التي تقدرهم وتفتح لهم ابوابها.. ويُحمِّل الكثيرون الحكومات العربية المسؤولية عن هذا التردي في نظام التعليم، فقد انتشرت المدارس الأجنبية بشكل مخيف في الدول العربية حتى انها اصبحت الأساس في الدراسة في بعض البلدان ما يعني ان الأجيال القادمة التي تتخرج من هذه المدارس والتي تعتبر اجيال النخبة في المجتمعات العربية، لم تدرس الا التاريخ الغربي والثقافة الغربية ولا يتحدثون حتى في بيوتهم- الا لغةً غير اللغة العربية يضاف الى هؤلاء مئات الآلاف ممن درسوا ويدرسون الآن في الغرب حيث تشير الاحصاءات الى ان عدد الطلبة العرب الذين يدرسون في الغرب الآن يصل الى حوالي 600 الف طالب.
في نفس الوقت فان نسبة الأمية في ازدياد مخيف، اذ يبلغ عدد الأميين في العالم العربي 65 مليون امي اي ما يعادل 43% من عدد السكان العرب.
الانسان العادي الذي في الشارع- عندما يرى ان التعليم في النهاية سيؤدي الى راتب ضعيف، دخل محدود، قد يفضل ان ابنه لا يدخل في هذا التعليم ويوجهه ليكون منتجا في الزراعة او حرفيا.. اويمارس العمل التجاري الحر، ولو عملنا مقارنة سريعة مع ماليزيا، في سنة 1985 نجد انهم عقدوا مؤتمرات وطنية حول واقع وتطوير التعليم، ومؤتمرات وطنية لاستراتيجية الدولة الى اين نتجه كدولة؟ وقرروا ان تكون ماليزيا دولة صناعية، هذا القرار تغيرت على اساسه مناهج التربية والتعليم، تغيرت على اساسه البعثات الدراسية، تغيرت على اساسه نظم الهجرة ونظم الاستثمار، وفعلاً خلال 10 سنوات تحقق مناهج التعليم الهدف، النتيجة سنة 1995، ماليزيا اصبحت عاشر دولة صناعية في العالم، والسبب وجود رؤية واضحة وعزيمة صادقة وتحدٍ لايلين، والخلاصة ان المال وحده لا يشتري التعليم الجيد.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك