يكتب حمود الحطاب عن معاناة المؤذنين بين 'الداخلية' و'الأوقاف'
زاوية الكتابكتب سبتمبر 8, 2015, 1:05 ص 1405 مشاهدات 0
السياسة
شفافيات / معاناة مؤذني بيوت الله بين الداخلية والأوقاف؟
د. حمود الحطاب
القاعد في الظل والتكييف المركزي عادة لا يشعر بالذي يحترق في شمس الظهيرة في الكويت.
معاناة شديدة يلاقيها رافعو أذان بيوت الله, ولا يجدون أحدا يشكون إليه ويوصلون له همومهم; سنوات طويلة تمر عليهم وهم يعيشون أصعب الامتحانات, وتتعدى محنتهم إلى أسرهم التي تشاركهم هذه المعاناة ومن غير ذنب ارتكبوه, ومن غير سبب وجيه يمنع مساعدتهم على إزالة ما يعانون منه; فما المعاناة التي اشتركوا فيها جميعا ويحتاجون فيها لوقفة إنسانية من وزارة الداخلية ووزارة »الأوقاف«?
المعاناة التي قصمت ظهور مؤذني مساجدنا صباح مساء ولا يشعر بها أحد غيرهم هي عدم السماح لهم باستخراج رخص تسيير مركبات , يعني إجازة سوق; وهي تسبب لهم أشد أنواع المعاناة بسبب طبيعة عملهم ودقته. فما معاناتهم من هذا كما يحكونها?
مؤذن المسجد مطلوب منه من قبل وزارته ومطلوب منه من قبل منطقته التي يؤذن في مسجدها ومطلوب منه من قبل دقة توقيت عمله, مطلوب منه أن يكون أدق من الساعة! نعم أدق من الساعة! لأن الساعة نفسها لا تشعر بالقلق ولا بالمسؤولية حين تقترب من وقت يهم الناس , فهي تسير وهي في حالة استرخاء ولا يقلقها شيء على الإطلاق; أما مؤذن المسجد فهو يعاني من القلق والترقب ست مرات في اليوم والليلة, وهذا يكفي أن يصيبه داء الضغط المرتفع-لا قدر الله -نتيجة لهذا القلق فما هو مطلوب منه هو أن يكون أمام المايكروفون في المسجد بالثانية في التوقيت وليس بالدقيقة, هل شعر أحد بهذا? هل أحس أحد بمثل هذه الدقة التي عليها المؤذنون ?
ولم تأت هذه الدقة من استرخاء, بل جاءت من مكابدة ومن معاناة, فأين ما كنت أيها المؤذن; في مستشفى لعلاج أبنائك أو زوجتك أو علاج نفسك فعليك الاستعداد لاذان الظهر مثلا, أو العصر أو المغرب أو العشاء قبل الأذان بساعة أو نصف ساعة لكي تدرك الوقت فتؤذن بدقة الوقت, ولا تزيد ولا تنقص حتى ثانية واحدة, وهنا عليك أن تترك دورك في الطبيب, أو تتعجل في العودة من أي مكان أنت فيه مهما كان بعيدا, وقد تلغي مواعيد مهمة تؤجلها أسابيع لأن اقتراب وقت الأذان قد دفع بك للتنازل عن العمل الذي كان بانتظارك وبموعد مسبق, فالأذان لا يحتمل التأخير, ولا تستطيع تكليف غيرك بهذا , وحتى لو حصل مرة أو مرتين , فلن يكون هذا ديدنك, وهذا في الأوقات العادية فما بالك في رمضان وخصوصا أذان المغرب; فمن منا مستعد أن يتأخر حتى ثوان معدودة عن تناول إفطاره في رمضان ,فإذا كان الجميع في رمضان يعاني من الانتظار لأذان المغرب, فمؤذن المسجد أشد قلقا وتوترا من أن يتأخر ثانية واحدة عن الاذان, وهذا مدة شهر كامل في رمضان وحده, بل هو مدة العمر كله الذي يعمل فيه كمؤذن ومصيبته الكبيرة أن لا سيارة بيده تساعده للوصول لمسجده للأذان في الوقت المناسب إذا كان بعيدا عن المسجد, ولا وسيلة تنقله غير باصات المواصلات أو »التكاسي« التي قصمت ظهورهم معيشيا ووظيفيا, فتنقلهم يتم ب¯ »التاكسي« الذي ينتظرونه لساعات أحيانا حتى يعودوا لمساجدهم أو حتى يقضوا حوائج أهلهم ثم يعودون بأسرع وقت ممكن ست مرات في اليوم من أذان الفجر الأول وحتى أذان العشاء !فأي وظيفة في الدنيا هي في دقة وظيفتهم أو أي معاناة في سباق الزمن يعانيها موظف في الدنيا مثل ما يعانون? ولكي تعرفوا بعض ما يعانون من خلال قصصهم تابعونا غدا إن شاء الله.
إلى اللقاء.
السياسة
تعليقات