نقطة نظام 'إنسانية الحمار' - يكتب سعد الهاجري

زاوية الكتاب

كتب 2571 مشاهدات 0


أجساد ممدة على الشواطئ .... أرواح تتلاطم في وسط البحر .... أنفس ليس لها معين ... ضمائر انعدمت وإنسانية فقدت .... أمم متحدة إغلاقها أفضل من بقائها .... قلوب تحجرت .... دعاة سكتوا وإعلاميين مرتزقة وجبناء ، فجعلوا الضحية هو السبب والجلاد هو المظلوم لقد شاهد العالم أجمع جسد الطفل الذي ألقته المياه على الشاطئ هرباً من الجحيم الذي خلفه طاغية العصر ' بشار ' هرب حتى يبتعد عن قصف البراميل ، وهدم البيوت والتجويع.

لماذا هز العالم مشهد الطفل الممد على الشاطئ مشاعر العالم ؟ لماذا كانت هذه التغطية الإعلامية الواسعة ؟ سؤال يبحث عن إجابة ، إذا كان المنظر مؤلم فإنه ليس بشاعة من منظر البراميل المتفجرة وهي تساوي المنازل بالأرض على رؤوس الأطفال ، ليس أشد ألماً من منظر جثث الأطفال وهي تستخرج من تحت الأنقاض ، الجميع شاهد الأطفال وهم يبادون بالغاز ، وكيف كانوا يلفظون أنفاسهم نتيجة هذا الغاز السام ، وما هو محزن أن التغطيات الإعلامية لم تعد كما كانت على هذه المناظر و كأن مشاهدة الجثث أصبح أمراً مألوفاً ، وأصبحت الأنقاض والجثث التي تحتها كأنه خبر طبيعي كالأخبار العالمية اليومية.

إن الاهتمام العالمي بمنظر الطفل وهو مسجى على الشاطئ ، يوصل رسالة واحدة في نظري مفادها أن الإنسانية واحترام البشرية انعدمت في الجميع ، لأن البراميل معروف من هو صاحبها وما هو تاريخه الأسود ، ولكن عندما تتجه عوائل وتهرب من هذا الجحيم وتجد مدعين الإنسانية لا يتلقونهم وتجد العروبة والإسلام ماتت في صدورنا من مدة ، وكذلك رسالة منظر الطفل أننا أمة نائمة كاذبة منافقة ، عندما يقف هذا الطفل وعائلته على حدود الدول العربية والإسلامية ولا يجد الأبواب مفتوحة فإن خياره محدود فاختياره ينحصر بين أمواج البحر وأحضان الدول الأوروبية الكافرة كما نقول ، ويجدون الأحضان الغريبة هي التي تحتضن من نجى منهم ، أقرب الدول لهم جغرافياً لبنان والأردن ، ومن شاهد اللاجئين هناك يعرف الوضع المأساوي لهم ، وذلك لأن لبنان ليس فيها قرار سيادي وهي خليط من قوى سياسية تتجاذب القضية السورية بين مؤيد للنظام ومعارض له ، وكذلك الأردن إمكانياتها محدودة ولم توفر أبسط سبل الراحة ، لو وجود أرضاً تحضنهم كبلد بحجم مصر فيها المساحات الشاسعة ، وكذلك ستجد الدعم المالي من دول الخليج في إقامة المساكن لهم لقضوا على نسبة كبيرة من عدد اللاجئين ، ولكن كما تعودنا موت الضمير العربي المتمثل في الجامعة العربية.

مما لا شك فيه أن الأمر لا يقتصر على مشهد طفل رمت به الأمواج على شاطئ الحرية والنجاة من العذاب ، لأن هذا التعاطف مرحلي و سوف تنسى الشعوب هذه المأساة مع مرور الوقت ، والتي أصبحت للأسف عالم الحيوانات أرق مشاعر وتعاطف من المنظومة الأممية والمنظمات الحقوقية للإنسان ، ولقد عجبني حوار قرأته بين حمار وابنه عندما تضايق الابن من الإنسان عندما يشبه صديقه الإنسان بالحمار عندما يفعل أمر مشين ، ولكن رد الحمار الأب كان سريعاً : فقال له : دعك منهم ، هل رأيت حماراً ينهب طعام أخيه .... هل رأيت حماراً يعذب بني جنسه ... هل رأيت حماراً يقتل أبنائه ويشردهم .... هل رأت حماراً عميل وخائن لوطنه ومملكته .... هل رأيت حميراً تتنازع بسبب اللون والعرق والطائفة .... هل رأيت حماراً يغلق حدوده في وجه أبناء جلده .... هل هل هل هل  ...... نحن نعمل لما خلقنا له ، ولكن البشر خالفوا ما خلقوا له ''' إنهم ساء ما كانوا يعملون '.

قال رسول الله  : ' لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين'.

فكيف اليوم ونحن نشاهد آلام هذه الأمة وهي تحتاج منا وقفة والتضامن و ازالت همومها'.

الدكتور/ سعد بن حوفان الهاجري
كاتب كويتي

الآن - كتب: سعد بن حوفان الهاجري

تعليقات

اكتب تعليقك